دور الولايات المتحدة في التحوّلات الأخيرة بالمنطقة العربية
التمويل والتدريب لضمان ثورات إنسانية هادئة
مريم. ن
31-10-2016
الدكتورأحمد بن سعادة
المدرسة الوطنية العليا للصحافة
29-10-2016
قدّم الدكتور الباحث أحمد بن سعادة أوّل أمس بالمدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام، محاضرة بعنوان «الربيع العربي وأيّ دور للولايات المتحدة؟»، استعرض فيها تجربة الربيع العربي التي صُنعت في الغرب، ثم تم تصديرها إلى الدول المستهدفة باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وانتهجت في ذلك خطوات وتطبيقات خرجت من المخابر السرية، وطبعا كان للغرب دور المحرك والممول.
أكد السيد جمال كعوان المدير العام للمؤسسة الوطنية للاتصال والإشهار، أنّ بن سعادة يحمل دكتوراه في الفيزياء بجامعة مونريال، وقبلها بجامعة وهران، وهذا ما يؤهله لأن يقدّم الوقائع بشكل منهجي ومباشر وعملي بعيدا عن الخطابات والإيديولوجيا؛ فهو يرصد الأعمال والأفعال كعالم وليس كسياسي.
بدوره، أكّد المحاضر أنّه يحلّل الأفعال، لكن ذلك لا يمنعه من أن يسلّط الضوء على بعض النواحي الجمالية والرومانسية في الثورات العربية التي كانت تحلم بالأفضل إلى أن صُدمت بواقع فج.
وبداية، استعرض بعض المصطلحات التي تُعد مفتاح هذه الثورات، منها «المقاومة السلمية» و«الثورات الملوّنة» و«التحكم في الميدان» و«التحكم في فضاءات الأنترنت»، ودعّم تدخّله بمقاطع فيديو تضم تصريحات مسؤولين في الإدارة الأمريكية، منهم هيلاري كلينتون التي صرحت بشأن الربيع العربي، بالقول: «إن لنا دورا علينا أن نلعبه».
اعتمدت هذه السياسة لتنفيذ المشروع على مؤسّسات وتنظيمات تنشط في الميدان، وتحت إشراف الإدارة الأمريكية، تساهم في استحداث أدوات التدخّل الأمريكي عبر العالم. ومن ضمنها ذكر المتحدث منظمة «أوسايد»، وهي وكالة أنشئت سنة 1961 مكلفة بالدعم الاقتصادي، وقدمت 9 ملايير دولار في السنوات الـ20 الأخيرة، وهناك «ناد» التي أسّسها ريغن في سنة 83 لتدعيم المؤسسات الديمقراطية، ومن ضمن ما تدعم النقابات (بعضها نقابات جزائرية مستقلة) وأحيانا الباترونا، توجد أيضا «إيري» التي يديرها جون مكين و«أندي أي» لمادلين أولبرايت و«ناد» التي تنشط في الدول العربية بشكل واضح، منها الجزائر التي قدّمت فيها أموالا للجزائر قُدرت سنة 2010 بأكثر من 251 ألف دولار.
تمثّل التدخّل في التحضير لثورات الشوارع منها ميدان التحرير بمصر، ثم بليبيا وغيرهما، علما أنّ ماكين دخل شمال سوريا سنة 2013 لدعم الثوار، وكل ذلك من أجل الوصول إلى مجتمعات ودول مطيعة ومتفتحة. ويتمثّل التدخّل أيضا في جانب التكوين خاصة للجمعيات المدنية والصحافيين، علما أن مثل هذه الدورات والجمعيات المشبوهة ممنوعة من النشاط في الولايات المتحدة.
من ضمن المبادئ المسطرة نجد المقاومة السلمية، والتي انطلقت سنة 2009 بطهران، وكيف صوّرها الهواة وظهرت على شاشات العالم بدون أدنى شروط المهنية. وكان مهندس هذه الفكرة جين شارب الذي كتب «من الديكتاتورية إلى الديمقراطية»، وهو يوزَّع مجانا عبر العالم، وهناك بوب هالفي الذي تلقّى 25 مليون دولار لإنجاز مشروعه بصربيا.
الثورات العربية هي امتداد للثورات الملوّنة التي بُرمجت بأوروبا الشرقية (الثورة الوردية والبرتقالية وغيرها)، وهكذا ترسخ الفلكلور الثوري، لتظهر بعدها منظمات عربية مدعومة، منها «كفاية» بمصر و«بركات» بالجزائر و«بزاف» و«يونامار» بالسنغال. من المبادئ أيضا التحكّم في الفضاء الحقيقي؛ أي في الميدان، وهنا ظهر ما يُعرف بـ «كونفاس» الذي يديره إيفان ماروفيتش، الذي يقول: «إذا أردت إحداث ثورة في بلدك اتصل بنا هاتفيا، وسنكون عندك»، ومركز المنظمة ببلغراد، وهو خاص بالتدريب، وبالتالي يشير المحاضر إلى أنّ خروج الناس للشارع ليس وليد الصدفة. وتعمل هذه المنظمة غير الحكومية في 35 بلدا، وهي تخترع حتى شعارات الثورة، منها ارحل و«ديقاج» وغيرها، إضافة إلى استغلال الصورة، ففي كلّ الثورات يرى الشاب الوسيم يقدّم ورودا لأفراد الجيش؛ تفاديا لتدخله، وبالتالي نجاح الثورة حتى النهاية، وهو ما يُعرف بـ «كسب ودّ العدو».
قدّم المحاضر بالصوت والصورة أسماء الشباب الذين تدربوا، منهم أحمد ماهر وأسماء عبد الفتاح من حركة «6 أفريل» بمصر، اللذان تكوّنا عند ماروفيتش، كذلك محمد عادل الذي هو الآن بالسجن، وأغلب من تكونوا من الـ 22 هم مصريون وجزائريون. كما تقدم لهم خدمات ما بعد البيع أي المرافقة في الميدان، وهنا ذكر المحاضر أهمية منظمة «فريدوم هاوس» ونشاطها بتونس مع أمين غالي وبسوريا مع أحمد موسى الذي ترأّس المجلس الوطني السوري.
أشار المحاضر إلى العمل من خلال الأنترنت والفيسبوك التي تنقل التعليمات. كما عرض بعض المناشير المنادية للثورة، منها «كيف تثور بحذاقة؟»، وهنا يتم التأكيد على أهمية حضور عمالقة الأنترنت، منها «غوغل» وكذا بعض الشخصيات النافذة، منها جارد كوهين وجاسون لبرمان، علما أنّ أحدهما التقطت له صورة مع والدة البوعزيزي بتونس. ومن الأسماء أيضا يوجد دفيد نصار صاحب الخبرة في توريد الثورات، وشريف منصور المكلف بشمال إفريقيا وكذا فريدوم هاوس.
للتذكير، فقد صدر للمحاضر كتاب هام عن الموضوع بعنوان «أرابيسك»، باعه بالإهداء عقب الندوة.
المصدر