المنظمات غير الحكومية بين وحل العمالة للخارج وخدمة قضايا المجتمع العربي

عميرة ايسر

07-11-2016

- تعتبر المنظمات غير الحكومية,احد أهَم الفواعل الأسَاسية. أو المساهمة إلى حد بعيد في عَملية التنمية وتطوير المجتمع .وذلك الرأي الذي يَتبناه العاملون في هذا المجال ومن بينهم الأستاذ "زياد عبد الصمد",المدير التنفيذي لشبكة المُنظمات الغير حكومية للتنمية,والذي يؤكد على دورها في دفع عجلة التنمية في الدول التي تستقر بها ,وهذا ما فعلته مثلاً في لبنان حسب معلوماته إذ قامت "المُنظمة الأمريكية الدولية للتنمية". وتَحت شعار الحل عندنا بدعم البَلديات اللبنانية وتطويرهَا على مدار 5سنوات وخصصت لذلك غلافا ماليًا تجاوز سقف 27مليون دولار,بالإضافة إلى دعم حوالي 2200 من الشركَات الصغيرة والمُتوسطة بحوالي 12مليون دولار من أجل مُساعدتهَا على توسيع نشاطها التجاري,وهذه المُنظمات الغير حكومية والتي مقر معظمها في الدول الكبرى. كأمريكا وانجلترا ,وتقوم بمنح المساعدات المالية والعَينية والإنمائية والخبراتية، طبقًا لميثاق الأمم المتحدة الذي يُلزم الدول المتقدمة بتخصيص 0.7بالمئة من دخلها القومي لمُساعدة الدول الفقيرة والمختلفة على النهوض باقتصادهَا. وتحسين بلدانهَا في كافة المجالات وهذا القرار الصَادر سنة1975,يعتبر سار المفعول ومطبق وإن ضمنيًا حيث تشير تقديراتهَا إلا أن الدول المتقدمة مجتمعة تقدم ما بين 80الي100مليار دولار سنويًا ،كدعم ومساعدات مُباشرة إلى حُكومات الدول الفقيرة ,وتتكفل هذه المنظمات الغير حكومية بتوزيع جزء من هذه المُساعدات وفق برامج تنموية وخد ماتية مدروسة. ومعدة سلفًا فالدول الغنية تعطي سنويًا ما بين 10الي 12بالمئة من هذه الأموال إلي المنظمات الغير حكومية التي تدور في فلكها,ولكن رغم كل ما تقدمه هذه المنظمات من دعم لمؤسسات العربية ،والاجتماعية والإنمائية. ولكن هناك من يتهمهَا وفق أدلة وشواهد عديدة تبلغ حد التَواتر بأنها ليست سوى غطاء لعمليات التجسس على الدول .التي تدخلها تَحت غطاء العمل الإنساني,ففي كتاب الأستاذ في الفيزياء "بجامعة مونتريال الكندية". الدكتور "احمد بن سعادة",والمعنون "بالدور الأمريكي في الثورات العربية",قدم فيه مَجموعة من الأدلة الحسيَة الملموسة على انخراطها في عمليات التَحطيم المٌمنهج للدول العربية .وزرع عملاء فيهَا بما يخدم السياسة الخَارجية الأمريكية,فالثورات العربية التي حدثت في عالمنا العربي سنة2011,واد ت إلى تغيير دراماتيكي في المشهد السياسي العربي,والذي لم يكن يتوقعه أحد وأدى بالتالي إلى الإطاحة بأنظمَة عربية .عَمرت في الحكم طويلاً كالنظام المصري ,فَأبرز قيادات الحراك الشبابي وقتها "كوائل غنيم" أو "توكل كرمان" أو" محمد عادل" "إسراء عبد الفتاح" و"أحمد ماهر", تَلقوا تدريبات في صربيَا والمغرب وتركيَا .على يد "منظمة اتوبور" التي تغير اسمها إلى "كَانفارس" وتعني المقاومة,وكان البرنامج التدريبي الذي تلقوه يَرتكز أساسًا على تعلم أساليب وتقنيات الثورات السلمية. للإطاحة بالأنظمة,ويقول مُؤسس "المنظمة Sir je Popart.",والذي أسسهَا عند مَا كان عمره25سنة في1998,للإطاحة "بسلوغودان ميلوسوفيتش" "الرئيس الصربي",بأن مُنظمته قامت بتدريب كوادر حركة 6أبريل المصرية والتي يقبع مُعظم قياداتهَا في السجون المصرية. بتهمة التجسٌّس والعمالة,على استراتيجيات التغيير الغَير العنيف سياسيًا,فهذه المُنظمات الغير حكومية وعلى رأسها "الصُندوق الوطني للديمُقراطية" والذي تم تَأسيسه في عهد الرئيس الأمريكي "رُونالد ريغان" وتم ربطه بشبكة واسعَة من الأحزاب السياسية. ووسائل الإعلام والمُنظمات الغير الحكومية والمُؤسسات الاجتماعية والخد ماتية,ويقول أحَد أهم مُؤسسيه وهو "الين واينشتاين" أن وكالة المخابرات الأمريكية التي تَأسست سنة1947,استعملت هذه المُنظمات الغير حكومية كغطاء اجتمَاعي يصعبُ كشفه من أجل جَمع المعلومات التي تريدها عن هذه البلدان,ويُضيف "بتريك هنيس" أحد أبرز رجال الاستخبارات الأمريكية في سبعينات القرن الماضي,عملت على جَمع المعلومات الاستخباراتية تحت غطاء هذه المنظمات لحوالي 50سنة,فأحد العُقول المهندسة لهذه السياسة الأمريكية. وهو الأستاذ "كارل جار سيمال" والذي صرح سنة1999 بأن "الصُندوق الوطني للديمقراطية" يُعتبر عمود السياسة الخارجية الأمريكية,فأجهزة المخابرات الغربية والأمريكية التي استعملت المُنظمات الغير حكومية وخاصة في أسيا الوسطى. للإطاحة بالأنظمة الموالية لموسكو والمتحالفة معها فيما عرف "بالثورات الملونة",في الفترة ما بين2000-2005واستهدفت دولا كصربيا وجورجيَا، وكرواتيَا ،وقرغيزيَا. والتي أكد الباحثان بجامعة بورتلاند "سوسمان" "وكراتر"
أنَ الغرب بقيادة الأطلسي هو من دعم هذه الثورات. وأشعلهَا من أجل الإطاحة بهذه الأنظمة وتنصيب أنظمة موالية له. فيها واستعمل سلاح المنظمات الغير حكومية التي دربت عدداً كبيرا من شُبان هذه الدول علي كيفية العصيان المدني وإسقاط الأنظمة,وهذا أيضا ما أكدهُ كل من الباحثان "سيرغي بوبوفيتش" و"جينوفيتش سلُوبدان" ,حيث وفي مُحاضرة لهما "بجامعة هارفارد الأمريكية" سنة2011,ذكرا بأن أمريكا بدأت في استهداف روسيا منذ 2003,وخَططت ومولت الثورات الشعبية في الدول التي تُعتبر مناطق نفوذ تاريخية لها من أجل إضعافهَا وعزلها دوليًا,وكان لمنظمة "فريدم هاوس" الدور الأبرز في ذلك,فهذه المنظمات الغَير حكومية عاثت فسادًا ليس في هذه الدول ,بل حتى في الدول العربية التي استقرت بها ,كمصر "فهيئة المعونة الأمريكية" تَعرض حوالي 60بالمئة من أعضاءها للطرد في مصر. لأنهُ قد تم إفسادهم في ظرف 3سنوات منْ طرف قيادات هذه المنظمات الغير حكومية ,حسب رأي الأستاذ "مصطفي عبد الواحد "مدير "جريدة اليوم السابع" المصرية واستهجن أيضًا تَحويل منطقة المعادي في القاهرة .إلى مُستعمرة لهذه المنظمات والتي منهَا "منظمات حقوق الإنسان" الغير حكومية العَاملة في البلاد,وكشفت تحقيقات "هيئة الرقابة المصرية" ثاني جهاز سيادي رقابي في الدولة عن فساد بقيمة مليون و800الف جنيه مصري في حسابات "هيئة المعونة الأمريكية",وفي سنة2007 قامت أجهزة الأمن المصرية بإغلاق 17 مقرًا لهذه المُنظمات الحكومية ومنعها منَ النشاط بصفة نهائيَة فيما هناك أزيد من400منها قيدَ التَّحقيق الأمني.

- وحسب "وثائق ويكليكس" فإن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتقويَة خصوم الرئيس السابق "مُحمد حسني مبارك "عنْ طريق هذه المنظمات واستعمالهم لإحداث قلائل ومشاكل سياسية في البلاد .لأنَ منْ مصلحتها حدوث أزمات مُستمرة في مصر ,ولا تعتبر مصر الدول العربية الوحيدة التي تجسست عليها هذه المنظمات بل ذكر الباحث الفرنسي والناشط الحقوقي "دوني بيشوا" والذي يعتبر رمزُا لحقوق الإنسان في العديد من الدول,قال بأن "بَسمة قدمان" التي كانت عضوًا في "المجلس الوطني السوري" مرتبطة عضويًا بمجلس "العلاقات الخارجية الأمريكي" ومَعروف الدور الذي لعبه في تنفيذ الأجندات الأمريكية ودعم هذا النوع من المنظمات الغير حكومية,ولا يختلف الوضع في بَلد الأرز كثيرًا .حيث ذكر "جيفري فيلتمان" "نائب الأمين العام للأمم المتحدة" والذي كان سفيرًا سابقًا لأمريكاَ في لبنان بأنَ بلاده عن طريق المنظمات الغير حكومية العاملة .هناك صرفت حوالي 500مليون دولار من أجل تشويه صورة حزب الله والمقاومة. وفتحت فروعًا لها في المَناطق الجنوبية التي يتواجد بها عناصر الحزب من أجل جمع معلومات استخباراتية عنهم,فالولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم هذه المنظمات، وتقوم مؤسساتها الدبلوماسية ،بتنسيق عملها ومساعدتهَا حتى إن السيناتور "جُون ماكين" الذي يدير "المعهد الجهوري الدولي" يقوم بزيارات مكوكية من أجل مراقبة وجهة الأموال التي يمنحها معهده في الدول العربية ويسيغها ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية السياسية,فضُباط المخابرات الأمريكية المتخفين كمُدربين للشباب العرب على طرق التغيير السلمي والغير عنيف في دولهم والذين يستعملون كتاب "جين شَارب" الصادر سنة1993والمترجم إلى أزيد من25لغة ,هذا الكتاب الذي يحوي أزيد من199طريقة من طرق التغيير السياسي ودون إراقة الدماء والمعنون من "الديكتاتورية إلى الديمقراطية",هذا الباحث الأمريكي الذي يُعتبر مؤسس "مؤسسة اينشتاين الخد ماتية" والتي يستطيع أي شخص تحميلَ هذا الكتاب عن طريق موقعهَا ,يَعتبره الكثيرون من الثوار عبر العالم رمزهم الأسمى ولكن الشيء الذي يخفي عنهم انهُ كان يُنفذ أجندة أمريكية غير معلنة تستهدف زعزعة أنظمة الحكم في الدول التي تعادي سياساتهَا الاستعمارية الامبريالية.
-فواشنطن التي فشلت عن طريق "الكولونال هَالفي" في إسقاط النظام في بورما,تعلمت من أخطاءهَا وغيرت الطريقة ولكن الأهداف بقيت كما هي في سياساتهَا الخارجية,فرغم ادعاءها برعاية قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان العالمية وكرههَا للتيار السلفي إلى أن وثائق ويكليكس كشفت عن أنها صبت في حسابات "أنصَار الثورة المحمدية". أزيد من 296مليون جنيه مباشرة بعد إسقاط مبارك, وهذا يثير جملةً من التساؤلات عنْ علاقة هذه التيارات بوكالة الاستخبارات الأمريكية, والشيء الذي يثير الشك أن القانون الأمريكي يمنع منعا باتًا تواجد أي منظمة غير حكومية أجنبية على الأراضي الأمريكية. فضلاً عن قيام دول كالصين مثلاً التي أحدثت أزمة دبلوماسية بدعمهَا أحد الجمعيَات الأمريكية, وعد الأمريكان تلك الخطوة تعديا صارخًا على "القانون الفدرالي الوطني". الذي يَمنع هكذا مُساعدات, فعلى دولنا العربية أن تعيد النظر في سياساتهَا اتجاه هذه المنظمات مع العلم بأن هُناك أكثر من 130دولة حول العالم تمنع أي نشاط لها على أراضيهَا.لأنها تعي جيدًا الخَطر الذي تُشكله على أمنهَا القومي, فغطاءها الخدماتي أصبح مكشوفًا للجميع وتواجدهَا في دولنَا .رغم كل ما أحدثته من خراب وفساد يطرحُ العديد من علامات الاستفهام؟ والتعجب. المبررة في أحيان ومواقف كثيرة فإلى متى الصمت الرسمي على ما تفعله تحتَ ذريعة تقديم المُساعدات الاجتماعية. والقيام بمشاريع إنمَائية في العالم العربي الذي يزخرُ بإمكانيات مالية وبشرية ضخمة ،تُغنينا عن الحاجة إلى هكذا نَوع من المُنظمات الغير حكومية الأجنبية.

عميرة أيسر- كاتب جزائري


 

المصدر