الوقت- ليس خافياً على أحد الدور الذي لعبته امريكا في تأجيج الإضطرابات التي عمت وتعم منطقة الشرق الأوسط. ولا شك أن المطالب الإجتماعية التي رُفعت في البداية كعناوين وشعارات ضد الأنظمة الحاكمة، ما لبثت أن تحولت الى مناداة بإسقاط هذه الأنظمة وكل ذلك تحت عنوان نشر الديمقراطية.
وقد شكلت وكالة الإستخبارات الأمريكية (CIA ) الأداة الأهم في هذه السياسة الأمريكية. وإن كان معظم العمل يجري، تحت أسم شركاتٍ وهمية أو جمعياتٍ خيرية، هي في الحقيقة ليست إلا مركزاً لجمع المعلومات وغرف عملياتٍ، تدير الأزمات بعد أن تخلقها. فما هو حجم هذا الدور الذي تمثل بجمعيات، ووصول الى حد التجنيد من خلال نشر المخدرات؟ وما هي الحقائق التي تؤكده؟ هنا بعضٌ مما ذكرته التقارير حول هذا الموضوع.
أولاً: حقائق ومعلومات تثبت هذا الدور: منظمات تعمل لوكالة الإستخبارات الأمريكية تحت عناوين خدّاعة:
صدر عديد من الكتب والدراسات والمقالات التي تطرقت إلى الدور الذي لعبته امريكا في تأجيج الاضطرابات التي عمت بعض الدول العربية والتي رفعت جملة من المطالب الاجتماعية غير أنها ما لبثت أن تحولت إلى مناداة بإسقاط النظم الحاكمة باسم نشر الديمقراطية.
وثائق مهمة نُشرت إن عبر الصحافة أو الإعلام، أو من خلالٍ كتب، تحدثت عن هذا الدور الذي لعبته وكالة الإستخبارات الأمريكية ومازالت تلعبه في تأجيج الصراعات وبالتحديد في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة. ومن هنا كانت تسمية مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أُطلق على التغيرات التي شهدتها المنطقة مؤخراً.
الكاتب الأكاديمي الكندي من أصل جزائري أحمد بن سعادة ذكر في كتابه (أرابيسك أمريكية: الدور الأمريكي في الثورات العربية) والذي استرعى اهتمام الكثيرين من متابعي الشأن السياسي والعاملين في مجال الأمن القومي، فالكاتب استمد معلوماته من مئات الوثائق المهمة التي توضح دور امريكا بمختلف دوائرها ومؤسساتها ومعاهدها البحثية في تأجيج الخلافات والاضطرابات في الشارع العربي بهدف إسقاط النظم الحاكمة وفي مقدمتها وكالة المخابرات المركزية.
ويذكر المؤلف في كتابه أن العديد من الدوائر أو المنظمات الأمريكية والتي عملت تحت مسمياتٍ وأسماء عديدة، هي التي تولت عمليات التكوين والتأطير والتمويل وعلى مدى أشهر بل أعوام لصنع مخططات لقلب الأنظمة وإثارة الخلافات داخل دول المنطقة.
وكان من أهم هذه المؤسسات تلك المنظمات التي تعنى بعملية "تصدير الديمقراطية" مثل (الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية) (USAID ) و(الصندوق الوطني للديمقراطية) (National Endowment for Democracy ) ومؤسسة (فريدوم هاوس) (Freedom House ) ومؤسسة (Open Society Institute ). ويتضح من خلال هذه الأسماء، العناوين التي تدعي هذه المؤسسات العمل تحتها، كالتنمية أوالديمقراطية والحرية.
وتشير التقارير الواردة في الكتاب الى أن العشرات من مؤسسات المجتمع المدني من دول الشمال الافريقي إلى بلدان "الشرق الأوسط" والدول الأعضاء في مجلس تعاون الخليج الفارسي، قد استفادت من برامج التكوين والتدريب والتأطير والتمويل التي ظلت توفرها هذه المؤسسات الأمريكية تحت مسميات وعناوين اختلفت في الشكل غير أنها التقت في المضمون.
وتضيف الوثائق أن هذه البرامج تتراوح ما بين التكوين والتأطير والتدريب، وصولاً إلى التمويلات المباشرة وغير المباشرة، علماً أن السفارات الأمريكية قد لعبت دوراً ميدانياً كبيراً في مختلف الدول العربية بعيداً عن الدور الذي تحدده القوانين والأعراف الدولية. إليكم ماذكرته الوثائق عن دور كل منظمة.
- (الصندوق الوطني للديمقراطية) (NED ) هو بمثابة الوجهة القانونية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقد تمكنت هذه المؤسسة (الواجهة) خلال الفترة الطويلة لعملها من نشر أضخم شبكة فساد على مستوى العالم، جندت من خلالها نقابات عمالية، ومديري شركات، إضافة إلى أحزاب سياسية من اليمين واليسار ومؤسسات المجتمع المدني على حد سواء بغرض الدفاع عن المصالح الأمريكية نيابة عن أعضائها.
- (الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية) (USAID ) أنفقت على ما لا يقل عن تسع مليارات دولار من أجل "نشر الديمقراطية الأمريكية في العالم"! علماً أن سلطات واشنطن قد صممت هذا البرنامج ليشمل مائة دولة في العالم.
- (الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية) (USAID ) هي مظلة تشمل عدة منظمات أخرى مثل (الصندوق الوطني للديمقراطية) (National Endowment for Democracy ) والمعهد الجمهوري الدولي (IRI ) والمعهد القومي الديمقراطي (NDI ) وهما مؤسستان مهمتهما نشر الديمقراطية على المنوال الأمريكي.
وتشير التقارير إلى أن أغلب الأموال المخصصة لتمويل هذه البرامج تأتي من الكونغرس الأمريكي فيما تتولى وزارة الخارجية الأمريكية توزيعها. وتُدار العمليات كافة تحت إشراف وكالة المخابرات الأمريكية. وليس جديدا على الأمريكيين هذه السياسة فهذه المؤسسات والمنظمات الأمريكية تولَّت تمويل "الثورات الملونة" تحت شعارات متعددة مثل (أتوبور) (Otopor ) أي المقاومة في صربيا و(كمارا) (Kmara ) (كفى) في جورجيا و(بورا) (PORA ) (حانت الساعة) في أوكرانيا و(كلكل) (kelkel ) (النهضة) في قيرغيزيستان. لقد رفعت شعرات مشابهة، إن لم تكن مماثلة ومتطابقة في الدول العربية التي عمتها الاضطرابات خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ففي تونس رفع شعار (أرحل) (Degage ) فيما رفع شعار (كفاية) (Kefaya ) في مصر مع قبضة يد في الهواء شبيهة بشعار (Otopor) ما يوحي بأن هناك خيطاً يربط بين كل هذه "الثورات". كما أن أخطر ما تشير اليه التقارير هو أن هذه المنظمات الحكومية وغير الحكومية الأمريكية لعبت دورا كبيراً في (تدريب) و(تكوين) وتمويل النشطاء الذين كانوا يستخدمون شبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من تونسيين ومصريين وسوريين وجزائريين وبحرينيين
المصدر