ثمانية أعوام مرت: "الربيع" في ربوع الجزائر

Jeudi, 11 Avril 2019 20:55 Ahmed Bensaada
Imprimer


أحمد بن سعادة


ترجمة: علي إبراهيم

4 نيسان/أبريل 2019


حشد كبير, أجواء احتفالية, شباب في مقتبل العمر, شعارات جذرية, فكاهة خفيفة ولاذعة, صورة لراقصة باليه شابة تشعل مواقع التواصل(1), شبان ينظفون الشوارع بعد المسيرات, شبان آخرون يقبّلون رجال الشرطة أو يقدمون لهم الورود, عبوات مياه يتم توزيعها على المتظاهرين, ثنائي يرسم خطوات راقصة في أحد شوارع العاصمة(2)...

كيف للمرء أن لايفتخر بهذه الشبيبة الجزائرية الطافحة بالحياة, والتي أظهرت للعالم نضجها السياسي وانضباطها وسلميتها؟

كيف يمكن للمرء أن لايتباهى بهذه اليقظة الشعبية القادرة على إنهاء عقودٍ من الجمود السياسي الذي ولّد الميوعة لدى قطاعات اجتماعية وافتصادية عديدة, وتسبب بهجرة الأدمغة وبإلقاء أفواج المهاجرين غير الشرعيين في البحر؟

ليكن مايقال أن: هذه الإنتفاضة تحمل الخير مثل المطر بعد الجفاف, والإشعاع مثل الضوء بعد ليلٍ مظلم وهي واعدة مثل البرعم الذي ينمو بعد شتاءٍ طويل.

لكن خلف هذه الصور المثالية للإحتجاج, ترد إلى الذهن عدة أسئلة حول هذه التظاهرات الشعبية.

هل هي عفوية؟ كيف يمكن لها أن تكون على هذه الدرجة من حسن التنظيم؟ هل من الطبيعي تقديم الورود إلى قوات حفظ النظام في بلدٍ لايتواجد فيه مثل هذا التقليد حتى داخل العائلات؟ كيف للشباب أن يقوموا بتنظيف الشوارع بعد المسيرات وفي بقية الأيام تتنائر القمامة في نفس الشوارع؟ كيف يتم تصميم الشعارات, ومن هو الذي يقوم بتوصيل بلاغات الطلاب عن مواعيد التظاهرات والإضرابات إلى وسائل التواصل الإجتماعي في كل أنحاء البلاد وحتى في الخارج؟ لماذا يتم استخدام الفكاهة والسخرية بشكلٍ واسع كسلاح مطلبي؟

للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، يجب العودة إلى حركات الإحتجاج اللاعنفي المماثلة التي هزّت مختلف البلدان منذ بداية هذا القرن.


الثورات الملونة

تم إطلاق اسم "الثورات الملونة" على الإنتفاضات التي هزّت المشهد السياسي في البلدان الشرقية أو الجمهوريات السوفييتية السابقة.  صربيا (سنة 2000), جورجيا (2003), أوكرانيا (2004) وقيرغيزيا (2005) هي بعض الأمثلة عن تلك الثورات.

استندت جميع تلك الثورات التي تكللت بنجاحٍ باهر على حراكٍ يقوم به ناشطون شباب موالون للغرب وطلاب متحمسون ومدونون ملتزمون غير راضين عن النظام.

تم تكريس العديد من الدراسات والكتب لدراسة هذه الإضطرابات السياسية. نذكر هنا على سبيل المثال المقال التفصيلي والشامل حول دور الولايات المتحدة في "الثورات الملونة" الذي كتبه كلاً من ج.سوسمان و س.كرادر من جامعة بورتلاند وقد ذكرا في ملخص المقال ما يلي:

" ما بين سنة 2000 وسنة 2005 تمت الإطاحة بالحكومات الحليفة لروسيا في كلٍ من صربيا وجورجيا وأوكرانيا وقيرغيزيا من خلال انتفاضات غير دموية. بالرغم من أن وسائل الإعلام الغربية عموماً تزعم أن تلك الإنتفاضات كانت عفوية وأصيلة وشعبية (سلطة الشعب), فإن "الثورات الملونة" هي في الحقيقة نتاج تخطيطٍ واسع. فقد مارست الولايات المتحدة وحلفاؤها مختلف أشكال الضغوط على الدول التي تكونت في فترة مابعد الشيوعية واستخدمت الأموال والتكنولوجيا لخدمة "مساعدة الديمقراطية"(3)

تم إثبات تورط الكثير من المنظمات الأميركية بشكلٍ لا لبس فيه. من جملة هذه المنظمات نذكر المنظمة الأميركية للتنمية (USAID), الوقف القومي من أجل الديمقراطية (NED), المعهد الجمهوري الدولي (IRI), المعهد القومي الديمقراطي للشؤون الدولية (NDI), فريدوم هاوس (FH), مؤسسة ألبرت إينشتاين (AEI), ومعهد المجتمع المنفتح (OSI).

(4,5)

جميع تلك الهيئات والوكالات أميركية وتتلقى التمويل إما من الميزانية الأميركية أو من الرساميل الخاصة الأميركية (6). علي سبيل المثال فإن الوقف القومي للديمقراطية يتم تمويله من ميزانية يتم التصويت عليها من قبل الكونغرس وتتم إدارة موارده بواسطة مجلس إدارة يوجد فيه ممثلين للحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي وغرفة التجارة الأميركية واتحاد العمل-مجلس المنظمة الصناعية, بينما يعتبر معهد المجتمع المنفتح جزءاً من مؤسسة سوروس التي يملكها الملياردير الأميركي جورج سوروس وهو مضارب مالي شهير.

حول الدور الحقيقي للوقف القومي للديمقراطية, من المثير للإهتمام استعادة التصريح  الذي أدلى به ألن وينشتاين (سنة 1991), وهو مدير مجموعة الدراسات التي قادت إلى إنشاء ذلك الوقف, وقد جاء في التصريح ما يلي: " إن الكثير مما نفعله في الوقف القومي للديمقراطية اليوم بدأ بشكلٍ سري قبل 25 عاماً عن طريق وكالة المخابرات الأميركية"(7). وفي سنة 1999, أعلن كارل غيرشمان, رئيس الوقف, أن "الترويج للديمقراطية قد أصبح أحد أهم ميادين النشاط الدولي الأميركي ودعامة للسياسة الخارجية الأميركية"(8). باختصار, فإن جميع هذه الهيئات الأميركية متخصصة في "تصدير الديمقراطية" حين يكون ذلك في خدمة السياسة الخارجية الأميركية.

يعمل الوقف القومي للديمقراطية عبر أربع هيئات منفصلة ولكنها تتبع له بشكلٍ تام. فبالإضافة إلى المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي للشؤون الدولية, يضم الوقف أيضاً مركز المشروع الخاص الدولي CIPE- غرفة التجارة الأميركية والمركز الأميركي للتضامن العمالي العالمي ACILS والمعروف باسم مركز التضامن(9).

تم إنشاء العديد من الحركات من أجل قيادة الإنتفاضات الملونة وأهمها: أوتبور (Otpor, االمقاومة) في صربيا, كمارا (Kmara, كفى!) في جورجيا, بورا (PORA, حان الوقت) في أوكرانيا, كيلكيل (KelKel, النهضة) في قيرغيزيا.

كانت حركة أوتبور وراء سقوط حكومة سلوبودان ميلوسيفيتس في صربيا. هذه الحركة التي يديرها سرديا بوبوفيتش تروّج لتطبيق إيديولوجيا المقاومة الفردية اللاعنفية التي نظّر لها الفيلسوف وعالم السياسة الأميركي جين شارب, وهو أستاذ فخري في العلوم السياسية في جامعة ماساشوستس, كما عمل كباحث في جامعة هارفارد وكان من المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام سنة 2009 (10) ,سنة 2012(11) و سنة 2013 (12).


 

سرديا بوبوفيتش

 

شكّل كتابه "من الدكتاتورية إلى الديمقراطية" الأساس الذي استندت عليه جميع الثورات الملونة. هذا الكتاب الذي تمت ترجمته إلى 25 لغة (من ضمنها اللغة العربية)، يمكن تحميله عن طريق الإنترنت بشكلٍ مجاني. جين شارب هو المؤسس لمؤسسة ألبرت اينشتاين, وهي تدّعي أنها منظمة غير ربحية متخصصة في دراسة أساليب المقاومة اللاعنفية خلال الصراعات. هذه المنظمة تتلقى التمويل من جهاتٍ عديدة, من بينها الوقف القومي للديمقراطية والمعهد الجمهوري الدولي ومعهد المجتمع المنفتح (13).

بدأت الإتصالات بين حركة أوتبور ومؤسسة ألبرت اينشتاين منذ بداية سنة 2000. أدّى التطبيق الدقيق لمبادئ المقاومة الفردية اللاعنفية التي سنّها جين شارب إلى السقوط السريع للحكومة الصربية, وقد شكّل ذلك الحدث النجاح الأول لنظرية شارب على أرض الواقع, وانتقال من النظرية إلى التطبيق.

بعد شعورهم بالقوة نتيجة الخبرة في زعزعة استقرار الأنظمة التسلطية, أسس ناشطو أوتبور مركزاً لتكوين وتدريب الثوار من جميع أنحاء العالم. يوجد هذا المركز في العاصمة الصربية بلغراد وهو يحمل اسم مركز  الإستراتيجيات والأعمال اللاعنفية التطبيقية (CANVAS), ويديره سرديا بوبوفيتش. يتلقى مركز كانفاس التمويل من المعهد الجمهوري الدولي وفريدوم هاوس ومن جورج سوروس شخصياً وغيره من الجهات(14).

"الصراع اللاعنفي في خمسين نقطة"(15) هو واحد من الوثائق المتوافرة على شبكة الإنترنت التي تبين ماهية التدريب الذي يقوم به هذا المركز وهو يتبى بشكلٍ كبير نظريات جين شارب. يشير هذا الكتاب إلى 199 "طريقة من طرق العمل اللاعنفي".  ويمكننا ذكر بعض تلك الطرق مع الحفاظ على الترقيم ذاته الوارد في الكتاب:

-        رقم 6. عرائض مهنية أو شعبية

-        رقم 7. شعارات, رسوم كاريكاتيرية ورموز

-        رقم 8. رايات, ملصقات ولوحات اعلانات

-        رقم 12أ. رسائل الكترونية جماهيرية

-        رقم 25. ملصقات للوجوه

-        رقم 28. احتجاجات صاخبة

-        رقم 32. السخرية من المسؤولين الرسميين

-        رقم 33. التآخي مع العدو

-        رقم 35. مشاهد تمثيلية ونكات

-        رقم 36. مسرح وحفلات موسيقية

-        رقم 37. أغاني

-        رقم 44. جنازات تمثيلية

-        رقم 62. إضرابات طلابية

-        رقم 63. عصيان مدني

-        رقم 147. تعطيل القضاء

-        رقم 199. حكومة موازية

ساعد خبراء كانفاس الصرب بشكلٍ فعال الناشطين في جورجيا (سنة 2003) وأوكرانيا (2004)(16), وأيضاً في لبنان (2005)(17) والمالديف (2008)(18). انخرط هؤلاء الخبراء أيضاً, لكن بنجاحٍ أقل في ألبانيا وبيلاروسيا وأوزبكستان(19) وإيران وفنزويلا (21).

تم استخدام شعار أوتبور (ومن بعدها كانفاس) بشكلٍ كبير في الإنتفاضات اللاحقة. الشعار عبارة عن قبضة مضمومة تحولت, مع مرور الوقت, إلى علامة فارقة لتشكيلات كانفاس. كما استخدمه الناشطون في البلدان المذكورة آنفاً.

 

 

 

صربيا جورجيا
فنزويلا إيران


"الربيع العربي"

ليست الإنتفاضات الشعبية التي أصابت البلدان العربية في نهاية سنة 2010 سوى امتداد للثورات الملونة.

استفادت هذه الإنتفاضات, التي أطلق عليها الإعلام الغربي بشكلٍ مضلل  اسم "الربيع", من نفس الداعمين ونفس الممولين ونفس المنظمات (22) إضافة إلى الإستفادة من التطور المذهل السرعة في مجال تقنيات الإتصال الجديدة وشبكات التواصل الإجتماعي.

وهكذا تحول الناشطون من متظاهرين منخرطين في الثورات إلى ناشطين على الإنترنت, لأن رحى الثورة دارت في الفضاء الإلكتروني أكثر من الفضاء الحقيقي. لم يكن ممكناً أبداً أن يكون  التنظيم والحشد والنداء من أجل التظاهر والتزامن والتنوع في الأعمال التي يجب القيام بها على الأرض  بمثل تلك الفاعلية لولا التقنيات الجديدة.

وائل غنيم ، أحد أشهر الناشطين في "الربيع" المصري ، كتب كتابًا بعنوان "Revolution 2.0" .

(23)

ساهمت هيئات "تصدير الديمقراطية" في تأسيس ما أسماه الصحفي الفرنسي بيير بواسليه (24)  "الجامعة العربية على شبكة الإنترنت". حيث تم تدريب العديد من الناشطين والمدونين من مختلف الدول العربية على استخدام التقنيات الجديدة كما تم إنشاء شبكة تربط فيما بينهم وبين الخبراء (25).

جرت عدة لقاءات اجتمعت فبها هذه "الجامعة العربية" قبل وقتٍ طويل من بداية "الربيع العربي" (وتتابعت تلك اللقاءات بعد ذلك). دعونا نشير إلى اللقاء الثاني, على سبيل المثال, الذي عقد في بيروت من 8 إلى 12 كانون الأول/ديسمبر سنة 2009 والذي جمع أكثر من 60 ناشط على الإنترنت قدموا من عشرة بلدان عربية (26). من بين "نجوم" الإنترنت العرب الذين حضروا: التونسيون سامي بن غربية, سليم عمامو ولينا بن مهني, المصريان علاء عبد الفتاح ووائل عباس, الموريتاني ناصر ودّادي, البحريني علي عبد الإمام, المغربي هشام المراط, السوداني أمير أحمد نصر, السورية رزان غزاوي , إلخ (27).

 

 

سامي بن غربية علاء عبد الفتاح علي عبد الإمام
امير احمد نصر شام المرات ناصر ودادى
لينا بن مهني رزان غزاوي سليم عمامو


بعض أعضاء
"الجامعة العربية على شبكة الإنترنت"


ليس ذلك فقط. فقد تعاونت كبريات شركات الإنترنت (تويتر، يوتيوب, غوغل, فيسبوك, إلخ) مع وزارة الخارجية الأميركية وهيئات "تصدير الديمقراطية" من أجل جمع ناشطي الإنترنت سنة 2008, 2009 و 2010 (28). جرى ذلك برعاية تحالف الحركات الشبابية (AYM — Alliance of Youth Movements) الذي يعلن عن مهمته بوضوح على موقعه الإلكتروني: 1) التعرف على ناشطي الإنترنت في المناطق المعنية, 2) إقامة التواصل فيما بينهم، ومع خبراء وأعضاء المجتمع المدني, 3) دعم هؤلاء الناشطين عبر تدريبهم وتقديم النصائح لهم وتزويدهم بمنبر للقيام بالإتصالات وتطويرهم (29).

شاركت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون شخصياً بمداخلة في اجتماع AYM سنة 2009. لم تتوقف هيلاري عن كيل المديح للتقنيات الجديدة طوال مرحلة "الربيع العربي". وفي هذا الصدد أعلنت كلينتون بتاريخ 15 شباط/فبراير سنة 2011 أن: "الإنترنت تحولت لتصبح الساحة العامة في القرن 21", وأن "التظاهرات في مصر وإيران, التي تمت تغذيتها من خلال الفيسبوك وتويتر ويوتيوب, تعكس قوة تقنيات الإتصال بصفتها عامل تسريع في عملية التغيير السياسي والإجتماعي والإقتصادي" (30).

إضافةً إلى التدريب الخاص بالفضاء الإلكتروني, اطلع الناشطون العرب على تقنيات كانفاس في مجال التحكم على المظاهرات التي تجري على أرض الواقع. هنالك حالة نموذجية في هذا المجال هي حالة المصري محمد عادل, الناطق بإسم "حركة 6 نيسان/أبريل" (31). فقد أكد في لقاءٍ خاص مع الجزيرة (أذيع يوم 9 شباط/فبراير 2011) أنه تلقى دورة تدريبية لدى كانفاس خلال صيف 2009, أي قبل أحداث الشغب في ميدان التحرير (32). لقد أصبحت تقنيات تنظيم الحشود والسلوك الواجب اتباعه في مواجهة العنف البوليسي أمراً مألوفاً لديه, و صرح في اللقاء ذاته  :"لقد كنت في صربيا وتدربت على تنظيم التظاهرات السلمية وعلى أفضل السبل في مواجهة وحشية القوى الأمنية". فيما بعد قام بتدريب عناصر آخرين(33). تم تأكيد هذه المعلومات من قبل سرديا بوبوفيتش الذي اعترف لصحفي سويدي: " نعم, هذا صحيح. لقد قمنا بتدريب شبان من حركة 6 نيسان/أبريل" (34).



محمد عادل وسرديا بوبوفيتش في صربيا 2009

الصورة من الفلم الوثائقي:"العالم العربي:موجة الصدمة" [35]


 

لذلك لاحظنا "الطرق اللاعنفية" التي أوصت بها كانفاس خلال التظاهرات التي هزت الشارع العربي. ولاحظنا خصوصاً استعمال قبضة أوتبور على نطاقٍ واسع من قبل ناشطي الإنترنت العرب من المحيط إلى الخليج.

 

 

مصر

تونس

المغرب
ليبيا البحرين

سوريا

 

 

 

الجزائر


الجزائر 2011: "الربيع" الذي أجهض

مثل جميع الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حسب تصنيف الوقف القومي للديمقراطية, لم تكن الجزائر في منأى عن موجة "التربيع" سنة 2011, لأن الجزائر واحدة بل ربما أكثر البلدان إثارةً للأطماع في المنطقة. تم تفعيل نفس الشبكات وكانت المنظمات المذكورة سابقاً تنتظر سقوط الجزائر في محفظة "تصدير الديمقراطية".

لكن لم يكن "للربيع" من تأثير على الشعب الجزائري, ربما بسبب الذاكرة الأليمة للعشرية السوداء الدامية التي أثكلت البلاد. مع أنه تم وضع العناصر الفاعلة للإنتفاضة موضع الخدمة.

قامت التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية (CNCD), وهي تضم أحزاباً سياسية عديدة ومنظمات غير حكومية ونقابات, بتنظيم الإحتجاجات ضد الحكومة. كان من بين الموقعين على البيان الأول للتنسيقية (والتي انقسمت فيما بعد) اللجنة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان, والنقابة الوطنية المستقلة للعاملين في الإدارة العمومية, وحزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية", وحزب "جبهة القوى الإشتراكية", وفوضيل بومالا, وجمعية "إس أوإس للمفقودين" وتجمع العمل الشبابي (36).

إن مراجعة التقارير السنوية للوقف القومي للديمقراطية تبين أن اللجنة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان قد تلقت مبالغ مالية أميركية في سنوات 2002(37), 2004(38), 2005(39), 2006(40), و2010 (41)

(انظر الجدول أدناه):

 

اللجنة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان

السنة

المبلغ ($)

2002

20 000

2004

---

2005

20 000

2006

40 000

2010

37 000

 

 

أمّا النقابة الوطنية المستقلة للعاملين في الإدارة العامة, فتربطها صلة وثيقة بمركز التضامن (وهو واحد من المكونات الأربعة للوقف القومي للديمقراطية) وهذا الأمر يمكن التأكد منه من خلال تصفح موقع المركز والنقر على رابط "الجزائر" (42).

بتاريخ 4 آذار/مارس 2011, حين كان "الربيع" الجزائري في مرحلته الجنينية, قامت كاثي فينغولد, مديرة القسم الدولي في مركز التضامن, بكتابة رسالة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. حيث أبدت في تلك الرسالة قلقها بخصوص العنف البوليسي ضد "المتظاهرين السلميين" في الجزائر وذكرت بالتحديد مايلي:" نحن [مركز التضامن] نلاحظ بقلق بالغ أنه من بين الجرحى يبرز اسم المسؤول النقابي السيد رشيد معلاوي رئيس القطاع العام في النقابة الوطنية المستقلة للعاملين في الإدارة العامة" (43).

أرسلت كاثي فينغولد رسالةً ثانية إلى الرئيس بوتفليقة بتاريخ 14 تشرين الأول/اكتوبر 2011. في تلك الرسالة يرد اسم رشيد معلاوي "المناضل البارز في التنسيقية الوطنية من أجل التغيير" ثلاث مرات (44). ويبدو من خلال الرسالة أن السيدة فينغولد على اضطلاع جيد بالحراك السياسي الجزائري (وربما على مدار الساعة).

من جهته, التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية , هوحزب كان يرأسه سعيد سعدي حين اندلاع التظاهرات المعادية للحكومة في شوارع الجزائر العاصمة. ورد اسم هذا السياسي في وثائق ويكليليكس, الحزمة رقم 07ALGIERS1806, التي يعود تاريخها إلى 19 كانون الأول/ديسمبر 2007 (45). تبين هذه الوثيقة أن سعيد سعدي خاض نقاشات سياسية "متقدمة" جداً مع السفير الأميركي في الجزائر.

أورد كاتب الحزمة ملاحظته حول أن سعيد سعدي كان يقارن بين حكومة الرئيس بوتفليقة و"عصابة تكريت", في إشارة إلى صدام حسين ومسقط رأسه في العراق. ذهب الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى حد طلب "دعمٍ خارجي": "حذّر سعدي الولايات المتحدة من الخطر البعيد المدى جراء الصمت على ما يراه من تدهور للديمقراطية الجزائرية, وهو ما تشهد عليه الإنتخابات البلدية. يرى سعدي أن الدعم الخارجي هو أمر حيوي من أجل ديمومة الديمقراطية والإنخراط المنتج للشبيبة الجزائرية – وهي تشكل 70% من السكان – في الحياة السياسية والإقتصادية".

على حسابه في موقع تويتر, يقدم فوضيل بومالا, المشارك بتأسيس التنسيقية الوطنية, نفسه على أنه "كاتب, صحافي, ناشط انترنت, مناضل من أجل حقوق الإنسان, معارض سياسي مستقل, مؤسس للمنظمة غير الحكومية Res Publica II" (الجمهورية الثانية- من المترجم) (46). يضاف إلى ذلك أن الجمهور الجزائري قد تعرف إلى بومالا عبر مشاركته في البرامج السياسية في التلفزيون الوطني الجزائري.

بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2012, تم تنظيم ندوة في مونتريال بعنوان "الربيع العربي بعد سنة على انطلاقه: الثورة, التدخل والإتجاه الإسلامي" (47). شاركت أنا شخصياً في تلك الندوة, التي دعي إليها فوضيل بومالا وميزري حداد (من باريس عبر السكايب) .

كانت المناظرة والردود حيويةً جداً. وخلال أحد تلك الردود أعلن بومالا أنه أثناء إحدى رحلاته إلى الولايات المتحدة تم استقباله من قبل الرئيس باراك أوباما شخصياً. صحيح أن الإدارة الأميركية قد فتحت أبوابها ومكاتبها الفخمة بكل سهولة أما ناشطي الإنترنت العرب الذين تم استقبالهم من قبل مسؤولين رفيعي المستوى. لكن إذا كان اعتراف بومالا صحيحاً, فإن ذلك يعني أنه من بين الأشخاص النادرين الذين حصلوا على فرصة اللقاء على هذا المستوى المهم.

 

هيلاري كلينتون والناشط على الإنترنت المصري باسم سمير (واشنطن 2010)

 

 

بحسب موقع جسور-الكترونية, فإن منظمة "إس او إس مفقودين" , التي يرد اسمها في قائمة مؤسسي التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية, هي "جمعية جزائرية لتقديم الدعم والإستشارة القانونية والإدارية إلى عائلات الآلاف من ضحايا الفقدان القسري في الجزائر [...]. تأسست "إس او إس مفقودين" سنة 2001, أي بعد تأسيس تعاونية عائلات المفقودين في الجزائر التي يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1998 بمبادرة من مجموعة صغيرة من عائلات المفقودين. يمكن أيضاً قراءة النص التالي على الموقع:" إن جمعيتنا تعمل بتعاونٍ مستمر مع تعاونية عائلات المفقودين التي تعتبر صلة الوصل بين العائلات الجزائرية والمؤسسات الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان, مثل الأمم المتحدة أو اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان" (48).

أي أن "إس او إس مفقودين" تعمل بشكلٍ وثيق مع تعاونية عائلات المفقودين التي تعتبر جمعية حقوقية فرنسية مسجلة في باريس.

ومن جهةٍ ثانية, يمكننا أن نقرأ على الموقع الخاص للتعاونية أنه في "أيلول/سبتمبر 2001, تمكنت التعاونية من افتتاح أول مكتبٍ لها في الجزائر, تحت اسم "إس او إس مفقودين" ومن هيكلة حركة أمهات المفقودين ومن تقديم المساعدة الإدارية والقانونية إلى جميع الضحايا إضافةً إلى المساعدة النفسية. بعد ذلك, تم افتتاح مكتب آخر للمنظمة في مدينة وهران وتم تأسيس عدة لجان للعائلات في بقية أنحاء البلاد" (49).

من الواضح إذن أن "إس او إس مفقودين" ليست في نهاية المطاف سوى "فرعٍ" جزائري تابع لتعاونية عائلات المفقودين, المنظمة الفرنسية الأم.

من البديهي أن تعاونية عائلات المفقودين في الجزائر ليست منظمة مجهولة بالنسبة للوقف القومي من أجل الديمقراطية, بل العكس هو الصحيح. إذ أنه من بين جميع الهيئات الواردة في قائمة "الجزائر" الخاصة بالوقف القومي, فإن تعاونية عائلات المفقودين هي المنظمة التي تلقت أكثر من الجميع وبشكلٍ منتظم مبالغ مالية أميركية. الجدول أدناه يلخص تلك المبالغ:

 

تعاونية عائلات المفقودين في الجزائر

السنة

المبلغ ($)

2005

40 000

2006

43 500

2007

46 200

2009

38 200

2010

40 000

2011

40 000

 

 

من الواجب الإشارة أن التعاونية و "إس او إس مفقودين" يقومان بأعمالهما سويةً, في تحالفات تضم جمعيات أخرى تحمل السمات ذاتها مثل جمعية "صمود" وجمعية "جزائرنا" (50, 51).

وأخيراً, نلفت إلى أن  تجمع العمل الشبابي قد حصل على مبلغ 25 ألف دولار أميركي من الوقف القومي من أجل الديمقراطية سنة 2011 (52).

 

الجزائر 2019: "التربيع" السائر

منذ 22 شباط/فبراير 2019, يشهد الشارع الجزائري حالة غليان لا سابق لها. البعض يقولون أنهم لم يشاهدوا مثل هذه التظاهرات الشعبية منذ إستقلال البلاد. لا تكفّ الصحافة الوطنية والعالمية عن كيل المديح للنضج السياسي الذي أظهره الشباب الجزائري ولحسه الفكاهي العالي ولتنظيمه النموذجي.

كما أبرزت وسائل الإعلام و الكثير من "المحللين" الذين يتكرر ظهورهم على شاشات التلفزة "عفوية" الإنتفاضة. إن مثل هكذا تأكيد ينم عن عدم كفاءة لا قرار له, عن ذاكرةٍ قصيرة أو عن انحيازٍ لأجندة محددة.

 

عن عفوية الإنتفاضات اللاعنفية

"إن هذه التظاهرات تبدو عفوية. من هنا قوتها. مع ذلك, فقد تم التخطيط لكل تفصيلٍ تقريباً [...] بعض المكونات التي تم ترتيبها بكل مهارة وسنة من التحضير تعطي فاعلية أكثر من القنابل".

بالعكس مما نظن, فإن هذه العبارات لا علاقة لها بالجزائر أو بإنتفاضات الشارع العربي. بل إنها مأخوذة من مقال كتبه كلاً من ريجيس جنتي ولوران روي في شهر كانون الثاني/يناير 2005 يتحدث عن الثورات الملونة (53) وتتطابق خلاصته مع خلاصات كلٍ من ج.سوسمان وس.كرادر التي تمت الإشارة إليها في بداية هذا المقال (54).

حول ذات الموضوع, إليكم تعليق إيفان ماروفيتش, وهو ناشط صربي قديم في أوتبور ومدرب في كانفاس: "غالباً ما يتم اعتبار الثورات عفوية. بحيث يبدو أن الناس نزلوا إلى الشارع ببساطة. مع أن ذلك هو نتيجة لأشهرٍ عدة أو حتى سنواتٍ من التحضير. إنه عمل ممل جداً حتى تبلغ النقطة التي يمكنك فيها تنظيم مظاهرات وإضرابات حاشدة. إذا كان التخطيط محكماً لحظة البدء, ينتهي كل شيء خلال بضعة أسابيع"(55).

في إحدى ندواته العامة العديدة, يشرح سريدا بوبوفيتش أنه : "لقد تم الكذب عليكم حول نجاح عفوية الثورات اللاعنفية. حين تشاهدون شاباً في الشارع يتعامل مع  الشرطة أو الجيش بشكلٍ أخوي, اعلموا أن أحداً ما قد خطط لذلك من قبل" (56).

بخصوص المظاهرات الحالية في الجزائر, لا يؤمن الباحث والمحلل السياسي ميخائيل بشير عياري بعفوية الحركة, حول ذلك يقول: "في الجزائر العاصمة, نادرون هم المتظاهرون الذين يؤكدون أن هذه الحركة عفوية بالكامل. غالبيتهم يقولون أنه ليست لديهم أية أوهام حول وجود محركين في الظل قدموا من مختلف شرائح المجتمع الجزائري, ويقومون بتغذية هذه الحركة. عدد من هؤلاء المحركين يشاركون في التظاهرات أو يدعمونها في السر" (57).

في الحقيقة, فإن العفوية الظاهرية لهذه التحركات الشعبية ليست "جذّابةً" فقط, بل هي تترافق دوماً مع وقع المفاجأة وإن وجود الشك لدى عدد كبير من الأشخاص هو أمر بشري مفهوم. في الواقع, ليس هنالك ما يعادل ثورة عفوية جميلة وشعبية بالنسبة للمخيلة الجماعية والرومانسية الثورية. ثورة داوود على جالوت, ثأر الضعيف من القوي, ثأر الشعب المسلح بإيمانه من الطاغية الكلي الجبروت...

لكن الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت (1882-1945) كان قد حذّرنا بقوله : "في السياسة, لا شيء يحدث بالصدفة. وإذا حصل شيء ما, يمكنكم المراهنة أنه قد تم التخطيط لذلك".

والحالة الجزائرية ليست استثناءً كما سنشرح أدناه.

 

عن مشاركة ناشطي الإنترنت الجزائريين في "الجامعة العربية على شبكة الإنترنت" وتشكيلات كانفاس

ليس هنالك من سبب لكي لا يشارك أفراد جزائريون في برنامج "تصدير الديمقراطية". الجزائر بلد فتيّ وغني ومهم جداً من الناحية الجيوسياسية. وهي بلد تحكمه طبقة سياسية لا تختلف عن جيرانه "الذين ضربهم الربيع" إضافة إلى كونها المعقل الأخير "لجبهة الرفض" العربية.

إن الرجوع إلى قائمة المشاركين في "اجتماع المدونين العرب" الثاني الذي عقد في بيروت والذي ذكرناه سابقاً يبين أن ناشطين جزائريين على الإنترنت قد شاركوا في ذلك الإجتماع (58).

تم تأكيد ذلك من قبل ناشط الإنترنت التونسي المعروف سليم عمامو الذي تم سؤاله عمّا إذا كانت لديه اتصالات وتبادل للخبرات مع معارضين ينشطون على الإنترنت من العالم العربي والجزائر ضمناً فأجاب: " أولاً, تم نسج الصلات قبل الثورة [التونسية]. أي أن الثورة لم تبدأ في شهر كانون الأول/ديسمبر 2010. [...] وقد كنا نتبادل الدعم [...] الشبكة كانت موجودة. إن المعارضين والناشطين على الإنترنت المصريين هم أصدقاؤنا. ولدينا أصدقاء في البحرين وسوريا واليمن... في الجزائر. ليس لدي شخصياً الكثير من الأصدقاء, لكنني واثق أنه توجد روابط قد تم وضعها من قبل [...] هذا كان قبل الثورة. لقد قدموا لنا الدعم ونحن قدمنا لهم الدعم [...] كان الأمر متبادلاً : حين نكون بحاجةٍ لهم, نجدهم, وحين يكونون بحاجةٍ لنا, يجدوننا. كل ذلك ضمن شبكة كاملة, لا توجد حدود. بعد الثورة, لاتزال الصلات موجودة وهي تزداد" (59).

في مقالٍ نشرته صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 13 شباط/فبراير 2011, يورد كلاً من دايفيد كيرباتريك ودايفيد سانجر أقوال وليد رشيد, أحد أعضاء "حركة 6 نيسان/ابريل" المصرية : "كانت تونس  القوة الدافعة لمصر, لكن ما فعلته مصر سوف يكون القوة الدافعة للعالم".

يذكر وليد رشيد أيضاً أن أعضاءً من حركته تبادلوا خبراتهم مع الحركات الشبابية المماثلة في ليبيا والجزائر والمغرب وإيران" (60).

أما بخصوص تشكيلات كانفاس, فقد اعترف محمد عادل أنه ذهب إلى صربيا برفقة 14 ناشطاً جزائرياً ومصرياً (61).

بإختصار, يمكننا إذن التأكيد أنه تم تدريب ناشطين جزائريين على التحكم بالفضاء الإلكتروني في إطار "تصدير الديمقراطية" إلى العالم العربي, وكذلك تم تدريبهم على تقنيات العمل اللاعنفي, مع الحفاظ على أوثق الإتصالات مع زملائهم في البلدان العربية "التي ضربها الربيع".

 

عن ازدواجية التواصل في الثورات اللاعنفية

في مقاله الذي يتضمن بحثاً دقيقاً حول حركة أوتبور, يشرح سلوفودان ناوموفيتش أن العمل السياسي لهذه الحركة يقوم على تطوير حملاتٍ من التواصل تسمى حملات إيجابية وحملات سلبية: "الإيجابية تقوم على مراكمة رأس مال من التعاطف مع والثقة [بالحركة] لدى السكان. [...] السلبية تستند على التقنيات الحافلة بالمخيلة والفكاهة والمزاج الطيب والتي تستخدم غالباً أساليب ساخرة من أجل إظهار سخافة النظام. العمل السلبي يقوم على نزع مصداقية النظام بشكلٍ نهائي لدى الرأي العام" (62)

تم استعمال هذه الإزدواجية بشكلٍ واسع في مظاهرات الشارع العربي, وأيضاً في الجزائر مؤخراً.

 

 

الجزائر 2019

تونس 2011

الجزائر 2019

مصر 2011

الجزائر 2019

تونس 2011

الجزائر 2019

مصر 2011

الجزائر 2019

مصر 2011


بعض الأمثلة على حملة
سلبية

 

تم تنفيذ العديد من الأعمال في الميدان من أجل إعطاء صورة فاتنة ومحببة للحراك, وبالتالي تطوير حملة التواصل الإيجابية. من بين هذه الأعمال نذكر مثلاً, الحماسة, المزاج الطيب, الإلحاح على الطابع اللاعنفي والطفولي للتظاهرات, توزيع عبوات المياه, تنظيف وكنس الشوارع, إلخ.

 

بعض الأمثلة على حملة إيجابية

 

هنا تجدر ملاحظة أن هذه الأساليب تتطابق مع "مناهج العمل اللاعنفي" المذكورة سابقاً في كتاب كانفاس وخصوصاً الأرقام 7, 8, 28, 32 و 37.

فيما يخص النقطة المتعلقة بتنظيف الشوارع التي تم الترويج لها بشكلٍ كبير في الصحافة الوطنية والعالمية, يجب ملاحظة أن الأمر يتعلق  بممارسةٍ شائعة في المظاهرات اللاعنفية.

ففي وقتٍ سابق من سنة 2003, جعلت حركة كمارا الجورجية من قضية تنظيف الشوارع حصانها الرابح من خلال حملات دعائية بعنوان "نظفوا شوارعكم" و "نظفوا بلدكم". هذه الأعمال البسيطة والعملية ساهمت جميعها في نشر أهداف حركة كمارا وحوّلتها اسم الحركة إلى علامة مميزة في زمنٍ قصير جداً (63).

في منطقةٍ أقرب إلينا جغرافياً, استخدم الناشطون المصريون هذا الأسلوب أيضاً من أجل جذب التعاطف الشعبي وإعطاء صورة إيجابية عن الحراك.

من يعرف مصر (والقاهرة خصوصاً) يعلم أن الحفاظ على نظافة الشوارع هو أكبر فشل للحكومات المتعاقبة في ذلك البلد. إن قيام الشباب بتنظيف الشوارع لا يمثل تعبيراً رمزياً عن انعدام كفاءة الحكومة بل عن الحلم بمستقبلٍ نظيف وصحي ومشرق بالسعادة.

نفس الحالة تقريباً في الجزائر حيث النظافة غير مرضية كلياً, وهذا أقل ما يمكن قوله.

 

 

تنظيف الشوارع بعد المظاهرات في مصر سنة 2011


عن التآخي مع "العدو" في الإنتفاضات اللاعنفية

في مفردات كانفاس, فإن العدو للحركة اللاعنفية هي المؤسسات المفترض بها استخدام العنف في الأنظمة التسلطية, أي الشرطة والجيش. يرى سيردا بوبوفيتش أنه أمر حاسم بالنسبة للمتظاهرين أن لا يظهروا العدائية والتهديد في وجه ركائز القوة التي يمثلها الشرطة والجيش: "منذ البداية, تصرفنا بكل أخوّة مع الشرطة والجيش, حيث قدمنا لهم الورود والحلوى, بدلاً من الصراخ أو رمي الحجارة. نجح هذا الأسلوب في العالم بأسره, خصوصاً في جورجيا وأوكرانيا. حين تفهم أن رجال الشرطة ليسوا سور رجال يرتدون الزي الموحد للشرطة, يتغير إدراكك ويبدأ الإقناع بالعمل" (64).

كما حدّدها بوبوفيتش, فإن هذه الطريقة بالتعاطف مع من يملكون القوة فعّالة جداً وتتطابق مع مبادئ النضال اللاعنفي. إليكم بعض الأمثلة المصورة عن تقديم الورود في الثورات الملونة والربيع العربي والجزائر.

 

صربيا 2000

جورجيا 2003

أوكرانيا 2004

قيرغيزيا 2005


الثورات الملونة

مصر

تونس

اليمن

البحرين

"الربيع" العربي (2011)

 

الجزائر 2019

 

التآخي لا يقتصر على تقديم الورود.


التآخي مع "العدو" (الجزائر 2019)


قارونا الصورتين الأخيرتين مع الصورتين التاليتين:

 

تونس 2011

صربيا 2000

 

عن السخرية في الإنتفاضات اللاعنفية


إن واحدة من أكثر الخصائص التي تميز التظاهرات الجزائرية هي السخرية بكل تأكيد. حيث أظهرت اللافتات والشعارات و الأزياء إبداعاً بدون حدود وروحاً عالية من الدعابة.

لكن هذه السمة ليست خاصةً بالجزائر: إنها جزء لا يتجزأ من الأساليب المطلبية المستخدمة في النضال اللاعنفي.

يرى سيردا بوبوفيتش أن السخرية أداة قوية جداً : "السخرية توجع حقاً لأن الممسكين بالسلطة  يأخذون أنفسهم على محمل الجد. وحين تبدأ بالسخرية منهم, فإن ذلك يوجعهم" (65).

بحسب مدير كانفاس فإن " [الإبداع والسخرية] أمور حاسمة بشكلٍ مطلق. السخرية والهجاء, وهما علامتان فارقتان لحركة أوتبور, نجحا بتمرير رسالة إيجابية, وبجذب أوسع جمهور وبإعطاء خصومنا – أولئك البيروقراطيين ذوي الرؤوس الرمادية المربعة – مظهراً غبياً ومضحكاً. الأهم من ذلك أن السخرية كسرت حاجز الخوف وألهمت المجتمع الصربي المنهك والمحبط والمتبلد في فترة نهاية سنوات 1990" (66).

 

جربت هذا الريجيم (النظام) لكنني لم أنحف, سأغير النظام إذن

نظافة عامة

فكاهة (الجزائر 2011)

 

هذه السخرية الجزائرية سنة 2019 تمت مشاهدتها في البلدان العربية التي شهدت حركات احتجاجية. إليكم بعض الأمثلة من مصر سنة 2011.

 


فكاهة (مصر 2011)

 

سخرية أخرى, لكن سوداء, "الجنازات التمثيلية" وهي ترد برقم 44 في كتاب كانفاس, تم استخدامها في الجزائر بتاريخ 1 آذار/مارس 2019 من أجل محاكاة جنازة للرئيس بوتفليقة ملفوفاً بالعلم المغربي:

 


 

 

إن تحليل مختلف الأعمال التي تم تنفيذها خلال مسيرات الشارع الجزائري تبين أن نقاطاً أخرى من قائمة "199 أسلوب للعمل اللاعنفي" التي نشرتها كانفاس قد تم استعمالها في على أرض الواقع. إن تعداد هذه الأساليب في هذا المقال سوف يكون مبعثاً للضجر.


عن التمويل الأخير الذي قدمه الوقف القومي من أجل الديمقراطية (NED)

بعد عمليات الكشف المدوية عن الأموال التي قدمها الوقف القومي وغيره من هيئات "تصدير"  الديمقراطية إلى الناشطين العرب أثناء "الربيع" العربي, اعتقدنا أن "مصرفيي الإنتفاضة" هؤلاء توقفوا عن ممارسة نشاطاتهم أو أصبحوا أكثر مداراةٍ على الأقل. لم يحصل شيء من ذلك.

إذ يبين التقرير السنوي الأخير الذي أصدره الوقف القومي عن سنة 2018 وفي خصوص الجزائر أن ثلاث هيئات جزائرية تلقت التمويل (انظر الجدول التالي).


التمويل الذي قدمه الوقف القومي للديمقراطية سنة 2018 (الجزائر)

الهيئة

المبلغ ($)

مركز المؤسسات الخاصة الدولي (CIPE)

234 669

الإتحاد الأورو متوسطي ضد الإختفاء القسري

30 000

جمعية جزائرنا

26 000

 

 

 

على الموقع الخاص بمركز المؤسسات الخاصة الدولي (CIPE) يمكننا أن نقرأ مايلي (67):

" إن المركز أحد المعاهد الأربعة الرئيسية التابعة للوقف القومي للديمقراطية وهو فرع  لغرفة التجارة الأميركية. [...] نحن في المركز نعتقد أن الديمقراطية تبلغ ذروتها حين يكون القطاع الخاص في ذروة ازدهاره. بالتعاون مع شركائنا المحليين, ومن بينها الجمعيات المهنية, غرف التجارة, مجموعات البحث, الجامعات والمنظمات الحقوقية, يساهم المركز في خلق بيئةٍ ملائمة لإزدهار المؤسسات. لا يمكن أن يتم ذلك إلا حين تكون الهيئات الأساسية للديمقراطية قويةً وشفافة. نحن هنا للمساعدة في بناء هذه الهيئات. إنها مهمتنا. إنها قوتنا."

هكذا إذن, المركز هو الآخر هيئة مهمتها "تصدير الديمقراطية".

في الجزائر, للمركز علاقة مع مركز الأبحاث CARE (حلقة العمل والتفكير حول المؤسسات):

"في الجزائر لدينا شريك قديم هو مركز الأبحاث CARE, وهو تجمع من المؤسسات ومراكز الأبحاث الجزائرية. أظهرت المداولات أنه, على خلاف العديد من البلدان التي يعمل فيها المركز, هنالك إجماع يقارب 100% حول المشكلات التي تواجه الجزائر" (68).

الإتحاد الأورو متوسطي ضد الإختفاء القسري منظمة دولية مقرها فرنسا. تضم المنظمة 26 جمعية من 12 بلداً. من الجزائر هنالك 4 جمعيات هي: "تعاونية عائلات المفقودين في الجزائر", "إس او إس مفقودين", "جزائرنا" و"صمود" (69).

ترأس الإتحاد ناصرة دوتور, وهي التي أسست تعاونية عائلات المفقودين والناطقة حالياً بإسمها.

كانت هذه التعاونية وجمعية "إس او إس مفقودين" من بين الأعضاء النشطين في التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية سنة 2011.

على هامش الإنتفاضة الشعبية الجزائرية الأخيرة, أبصرت النور تعاونية للمنظمات تحت اسم "تعاونية المجتمع المدني الجزائري من أجل مخرجٍ سلمي للأزمة". من بين أعضاء هذا التجمع نجد : اللجنة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان, تجمع العمل الشبابي, جزائرنا, صمود, إس او إس مفقودين و والنقابة الوطنية المستقلة للعاملين في الإدارة العمومية (70) (SNAPAP) .

هذه المنظمات جميعها لها (أو كان لها) صلة بالوقف القومي من أجل الديمقراطية.


عن دور الفضاء الإلكتروني في الإنتفاضات اللاعنفية

من البديهي أن الفضاء الواقعي هو مسرح المظاهرات وأنه في هذا الفضاء يتم ربح المعارك ضد السلطة القائمة. إليكم ما يقوله سيردا بوبوفيتش حول هذا الموضوع: " يتم ربح النضال اللاعنفي في العالم الواقعي, في الشوارع. لن تغير مجتمعك أبداً نحو الديمقراطية إذا اكتفيت بالجلوس والنقر على لوحات المفاتيح" (71).

مع ذلك, فقد أتاح استخدام الفضاء الإلكتروني, ذلك الفضاء الأثيري والحر, تنسيق الجهود, وتنظيم الأعمال التي يجب القيام بها في الميدان, وتشارك المعلومات وإرسال التعليمات للمتظاهرين بالعمل وفقاً للمبادئ الأساسية للنضال اللاعنفي الذي تم الحديث عنه آنفاً.

من جهة ثانية, جرت الحملات الإيجابية والسلبية التي تم الحديث عنها سابقاً على شبكة الإنترنت, عبر شبكات التواصل الإجتماعي. في واقع الأمر, فإن هذا الشكل من الأعمال التي انطلقت في الفضاء الإلكتروني كانت أشد ضرراً وأكثر عدداً مما هي في الفضاء الواقعي. حيث أن الفضاء الإلكتروني لا ينام ويجعل الزمان والمكان مجرد مفاهيم. مقاطع الفيديو, الأغاني, المحاكاة الساخرة للأغاني, المشاهد التمثيلية والكليبات المحورة كانت (ولاتزال) فعالةً جداً.

لذلك, من المهم الإشارة إلى أن بعض الفيديوهات لم تكن من صنع الهواة. بل بالعكس, تم إخراجها من قبل محترفين وتطلب ذلك دعم مادي ومالي.

بخصوص التعليمات التي يتم إعطاؤها للمتظاهرين بالعمل وفقاً لمتطلبات النضال اللاعنفي في الميدان, فقد تم توزيع فيديوهات على الإنترنت. منها مثلاً, الفيديو الذي انتشر من أجل التحضير لمظاهرة الأول من آذار/مارس 2019 وهوبعنوان: "بعض التوصيات من أجل مسيرة يوم غد 01/03/2019...شاركوها يا أخوتي" (72), من بين التوصيات الستة عشر نذكر ما يلي:


ممنوع السب والشتم

تجنبوا الشعارات الدينية/العنصرية/المناطقية

جميع أشكال العنف والتخريب ممنوعة

يمنع منعاً باتاً ارتداء الأقنعة

على الجميع حمل العلم الوطني

استخدموا الهواتف المحمولة لتصوير مقاطع من المسيرة مدتها من دقيقة إلى دقيقتين وأرسلوها إلى الصفحات

اجلبوا عبوات ماء للشرب وعبوات من الخل (73) في حال استخدام الغازات المسيلة للدموع

نظفوا الشوارع بعد انتهاء المسيرة

لاتنسوا أن تحمّلوا تطبيق الشبكة الإفتراضية الخاصة لتفادي انقطاعات الإنترنت


من المثير للإهتمام أن بداية ونهاية الفيديو تتميز باستخدام كلمات تؤكد على الإنتماء إلى مجموعة : "أهدافنا", "قضيتنا", إلخ.

أخيراً, ينتهي الفيديو بتوقيعٍ هو : قبضة أوتبور "الجزائرية"


 


كما تم استخدام هذه القبضة في الدعوات إلى التظاهر (تماماً مثل سنة 2011) وفي الملصقات والرايات:

 

 

 

يذكّرنا هذا الفيديو بالتعليمات المماثلة التي كانت ترسلها حركة "6 نيسان/أبريل" في مصر عن طريق الإنترنت أو عبر توزيعها على المتظاهرين في ميدان التحرير سنة 2011 وهاكم بعض الأمثلة:

 

 

بعض الإرشادات المتاحة للمتظاهرين المصريين (2011)


عن الديمومة السياسية لناشطي الإنترنت بعد "الثورة"

بقدر ما هو أسلوب النضال اللاعنفي فعال بشكلٍ مرعب في عملية إسقاط المتسلطين, بقدر ما هو تأثيره معدوم على المرحلة التي تليه.

في مقالٍ كتبه الصحفي هرناندو كالفو أوسبينا سنة 2007 في صحيفة لوموند ديبلوماتيك حول الثورات الملونة, يمكن لنا أن نقرأ : " في هذه البلدان من بلدان "الإشتراكية الحقيقية" سهلّت المسافة القائمة بين الحكام والمحكومين مهمة الوقف القومي للديمقراطية (NED) وشبكاته التنظيمية التي صنّعت آلاف "المنشقين" بفضل الدولارات والدعاية. وما إن يتم التغيير حتى يختفي معظم هؤلاء, كما تختفي جميع أنواع منظماتهم, دون أي مجدٍ" (74).

كذلك اختفى ناشطو الإنترنت العرب من الساحة السياسية, بالضبط مثل "زملائهم" الذين قادوا الثورات الملونة. يعود تلاشيهم السريع إلى كون هؤلاء المنشقين لا يملكون أية "كفاءة" (وبالتالي أية فائدة) في الأحداث التي يلي سقوط الأنظمة القائمة. يجب أن نفهم أن تدريب المنشقين على يد الهيئات الأميركية العاملة على "تصدير" الديمقراطية يتركز حصرياً على إسقاط الأنظمة وليس على العمل السياسي الذي ينجم عنه.

ففي تونس, تمت تسمية الناشط على الإنترنت سليم عمامو وزيراً للرياضة والشباب بعد ثلاثة أيام من هروب الرئيس بن علي, في حكومة الغنوشي الأولى (75). وبما أن تلك الحكومة كانت لا تزال تضم في صفوفها العديد من وزراء الرئيس المخلوع, فقد تم اتهامه بأنه باع نفسه (76). كما تم توبيخه على شبكة الإنترنت لأنه لم يقدم استقالته من الحكومة كما فعل وزراء آخرون.

وفي مصر, تم سجن كلاً من أحمد ماهر (الذي شارك في تأسيس حركة 6 نيسان/أبريل) ومحمد عادل في شهر كانون الأول/ديسمبر2013 بسبب خرقهما قانون منع التظاهر الذي كان قد صدر قبل شهر (77). في شهر آذار/مارس مثل الإثنان أمام المحكمة للطعن في الحكم بسجنهما ثلاث سنوات ووجها الإتهامات للسجانين بصربهما وإساءة معاملتهما (78). لكن دون جدوي, فقد تم تثبيت الحكم بحق القياديين في "حركة 6 نيسان/أبريل" في الشهر التالي (79). وعلى ضفاف النيل أيضاً, أطلق سراح المنشق عن طريق الإنترنت علاء عبد الفتاح بعد قضائه حمس سنوات في السجن (80).

الوجه البارز في الإحتجاجات اليمنية, توكل كرمان (81) , تعيش حياةً رغيدة في تركيا بينما بلدها غارق في النار والدماء.هنا يجب التذكير أن حصولها على جائزة نوبل لم يكن بعيداً أبداً عن حصولها على الجنسية التركية.

 

 

يداً بيد: توكل كرمان وهيلاري كلينتون. الصورة في وزارة الخارجية (واشنطن) 28اكتوبر 2011


 

في سوريا, كان رضوان زيادة أحد أكثر الناشطين الذين يمكن رؤيتهم في الإعلام الغربي (82). هذا المنشق السوري, العضو في المجلس الوطني السوري والذي تلقى التمويل من الوقف القومي للديمقراطية, تم طرده من الولايات المتحدة (حيث يعيش) لأن طلبه للحصول على اللجوء قد تم رفضه سنة 2017 (83).


هيلاري كلينتون ورضوان زيادة


يبين تحليل الأحداث التي أعقبت الثورات الملونة و"الربيع" العربي بصورة ساطعة أن ايديولوجيا المقاومة الفردية اللاعنفية التي طورها جين شارب ليست فعّالة – حين تعمل – إلا بالإطاحة بالمتسلطين. في المقابل, تتبدى هذه الإيديولوجيا عن نقاط ضعف كبيرة في عدم إجابتها أبداً على حالة الفوضى التي تعقب هذا النوع من الإضطراب السياسي. ما إن ينتهي الدور المناط بالناشطين, حتى تملأ القوى السياسية, المتربصة بكل تغيير سياسي, الفراغ الذي نشأ عن اختفاء السلطة القديمة.

في الوقت الذي وصفت فيه الإنتفاضة التونسية بأنها شابة وديناميكية و"فيسبوكية", يبلغ عمر الرئيس الحالي لتونس 92 عاماً, وهو أكبر رئيس سناً في العالم.

في مصر, قيّدت الحكومة ذات الطابع العسكري الحريات الفردية كثيراً وبشكلٍ أكبر من زمن الرئيس مبارك.

اليمن, ليبيا وسوريا بلدان مدمرة وشعوبها تعيش في ظل العنف وانعدام الأمن والتشرد في المنافي.

هل من الواجب القول أن المظاهرات الجزائرية ستقودنا نحو الفوضى؟ وأن تلك التظاهرات لا مبرر لها؟ وأن الشبيبة تخطئ في الإطاحة بالمتسلطين الذين جمّدوا البلاد في خمولٍ مرضي؟

بالطبع لا. لولا أن التاريخ يبين أن الإنتفاضات اللاعنفية لا توصل إلى النتائج المرجوة لأنها تخدم أجندات (داخلية وخارجية) مغايرة لأجندات البلاد.

من المهم جداً إذن التأكد من أن هذا الإحتجاج الشعبي أصيل بشكلٍ جوهري ولايخدم سوى الجزائر والجزائر فقط.


عنالإنتخابات بموضة "اللايك"

منذ انطلاقة التظاهرات, غرق الفضاء الإلكتروني بأسماء الأشخاص المناسبين "لقيادة مصير البلاد". يطرح البعض بيدقاً ما, فيطرح غيرهم بيدقاً آخر كما لو أن الأمر يتعلق بالتصويت لمرشحٍ في تلفزيون الواقع. ليس هنالك من برنامج تم تقديمه, ولا رؤية تم شرحها ولا أجندة سياسية جنينية. الرسائل, الصور والفيديوهات التي تتم مشاركتها حد التخمة (ربما بواسطة ناشطين استفزازيين على الإنترنت) هي التي تدفع بعض الأشخاص إلى المقام الأعلى كمنقذٍ للأمة.

لماذا لا يتم اقتراح حكومة مضمونة في هذا الوقت؟ هذا ما تقدمت به لجنة المواطنة للمبادرات واليقظة (CIVIC) في صحيفة الوطن مع تنصيب مدير الصحيفة المذكورة كوزيرٍ لحرية التعبير (84)! وزارة جديدة تم تفصيلها على المقاس, أليس كذلك؟ حين نعلم انخراط هذه الصحيفة في عملية "تربيع" البلدان العربية, يجب التساؤل عمّا سيؤول إليه التعبير عن الحرية.

على نفس القائمة يظهر اسم تم تفخيمه من قبل جميع عباقرة الفضاء الإلكتروني: السيد مصطفى بوشاشي. شخص مجهول بالنسبة للجمهور العريض منذ بضعة أسابيع فقط, يقفز الآن إلى أعلى المناصب في بلدٍ في حالة الصيرورة.

يجب أن يعلم الجميع أن السيد بوشاشي كان رئيساً للجنة الجزائرية لحقوق الإنسان من سنة 2007 حتى سنة 2012 وأن تقارير الوقف القومي للدديمقراطية تبين أن هذه اللجنة قد تلقت التمويل خلال فترة رئاسته (سنة 2010).

من جهةٍ ثانية, فإن سلفه في رئاسة اللجنة, السيد حسين زهوان, اتهمه بأن له علاقة مع وزارة الخارجية الأميركية, يقول السيد زهوان (85):

" تم استدعاء السيد بوشاشي من قبل وزارة الخارجية الأميركية لكي يسافر إلى تركيا وعمان من أجل المشاركة في الشروحات التي ستقدمها كوندوليزا رايس وسعود الفيصل حول السياسة الأميركية في الشرق الأوسط الكبير."

في هذه الحكومة الخيالية, تم تسليم حقيبة الثقافة والفنون إلى الكاتب كمال داوود. هو نفس الشخص الذي نعت مواطنيه "بالمغتصبين بالقوة" في قضية مدينة كولونيا الألمانية والذي طرح السؤال "ما فائدة المسلمين للبشرية؟" (86) والذي لا يكف عن التبخير بالمتظاهرين مبرزاً أدبهم وتنظيمهم وحسهم البيئي واحترامهم للآخرين وانعدام التحرش الجنسي خلال المظاهرات خصوصاً (87). أليس هو من أكد أن "العالم المدعو بالعربي عبئ ثقيل على بقية البشرية"؟ وعن أية ثقافة سيكون المنافح والمروج؟ عن الثقافة التي كان يسيء إليها سابقاً؟

هؤلاء الأشخاص الثلاثة الذين تم ذكرهم ليسوا بالطبع الوحيدين الذين تملأ أسماؤهم الفضاء الإلكتروني, بل بالعكس. فهنالك أعضاء سابقون في التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية وكذلك اسلاميون سيئوا الصيت تم إخراجهم من سباتهم السياسي, ركبوا الموجة الإحتجاج ويرقصون على نغمة "ارحل" و "تنحى".

أغرقتنا وسائل التواصل الإجتماعي أيضاً "بترشيحات" مذهلة على شاكلة مقدمي برامج حوارية تلفزيونية أو معلقين رياضيين كما لو أن إدارة البلاد تقاس بقوة المحاكاة الصوتية المرسلة لحظة تسجيل هدف.

بينما تعيش الجزائر لحظات حرجة, فإن هذا التسابق على الكراسي التبديل الدوري في الولاءات أمر وضيع و غير لائق . لا يمكن انتقاد نظام انتخابي قائم على "الشكرة" (88) واستبداله بنظامٍ آخر قائم على "اللايك".


الخلاصة

إن المظاهرات السلمية التي عصفت ببلدنا والتي هزت "النظام" القبيح الذي يحكمها أظهرت وجهاً إيجابياً جداً عن شبيبتنا. إن النجاح في "إزاحة" سلطة سياسية محتضرة في جوٍ من الفرح والمزاج الطيب, دون حادثٍ يذكر, هو أمر ليس مثالياً فقط بل هو أمر خلاصي لمستقبل الجزائر.

لكن, طريقة عمل هذه المظاهرات المتطابقة مع مبادئ كانفاس الأساسية حول لنضال اللاعنفي تبين أنه بعد مرور 19 عاماً على أحداث صربيا و8 سنوات على بداية "الربيع" العربي, فإن الجزائر تشهد بدورها ثورة ملونة. إن هذه الطريقة العملياتية تدل على وجود مجموعة من الناشطين على الإنترنت تم تدريبهم في مخابئ "تصدير الديمقراطية" وهي مجموعة ناشطة بشكلٍ جيد سواء في الفضاء الإلكتروني أم على أرض الواقع.

وإن الجواب الوحيد على هذا الملصق:

 

لا للتدخل الأجنبي...هذه ليست ثورة ملونة

 

 

هو هذه اللوحة الشهيرة للفنان رينيه ماغريت:

 

هذا ليس غليون

 

يجب أن تفهم هذه المجموعة, وغيرها من المنظمات غير الحكومية الجزائرية, أن العمل من أجل مصالح الآخرين وليس مصلحة البلاد لا يمكن أن يقود سوى إلى الفوضى والأمثلة عديدة.

في سنة 2000, حين سئل ناشط صربي شاب في حركة أوتبور عن رأيه بالولايات المتحدة – التي ساعدت وكونت الحركة – أجاب أنه  ضد ذلك البلد, لكنه غير منزعج من كونه تحت السيطرة الجزئية للمخابرات المركزية الأميركية (89). هذا الرأي يختلف قليلاً عن رأي سليم عمامو الذي اعترف, هو أيضاً, أنه تلقى المساعدة من الأميركان لكنه "لايهتم أبداً" لأمر المخابرات الأميركية (90).

أية سذاجة ! إن المبالغ المالية التي تمنحها هذه الهيئات التي تريد "الدمقرطة" ليست أعمالاً خيرية, بل هي لفائدة البلدان المانحة. حين يقبل بعض الناس بالمال, فإنهم يقبلون بالشروط التي ترافقه.

وحسبما يرى العديد من المراقبين, فإن المصالح التي يخدمها هؤلاء الناشطون يمكن أن تكون مصالح داخلية أو خارجية (أو خليط من الإثنتين). في جميع الأحوال, يجب أن نضع مصلحة بلدنا فوق أي اعتبارٍ آخر.

إن تحليل "الثورات" اللاعنفية في البلدان الأخرى يدل على أن المرحلة التي تعقب سقوط السلطة أكثر أهمية من التي تسبق. على هذه المرحلة يتوقف نجاح أو فشل الإنتفاضة. إن الغرور, العناد والتصلب هم أسوأ أنواع المستشارين في هذه الفترة.

لنعمل كي تتحول هذه الإنتفاضة الشعبية إلى نجاحٍ باهر, لكي تولد جزائر جديدة. جزائر واعدة لشعبٍ طالما راوده الأمل.

 

 


[1]Chamseddine Bouzghala, « "Poetic protest", histoire d'une photo qui a marqué la mobilisation algérienne », France 24, le 9 mars 2019, https://www.france24.com/fr/20190309-poetic-protest-photo-danseuse-mobilisation-algerienne

[2]Khalid Mesfioui, « Manif anti-système à Alger: ce beau couple qui a dansé sous la pluie », Le 360, le 23 mars 2019, http://fr.le360.ma/monde/video-manif-anti-systeme-a-alger-ce-beau-couple-qui-a-danse-sous-la-pluie-186597

[3] G. Sussman et S. Krader, « Template Revolutions : Marketing U.S. Regime Change in Eastern Europe », Westminster Papers in Communication and Culture, University of Westminster, London, vol. 5, n° 3, 2008, p. 91-112, http://www.westminster.ac.uk/data/assets/pdf_file/0011/20009/WPCC-Vol5-No3-Gerald_Sussman_Sascha_Krader.pdf

[4] Lire, par exemple, Ian Traynor, « US campaign behind the turmoil in Kiev », The Guardian, 26 novembre 2004, http://www.guardian. co.uk/world/2004/nov/26/ ukraine.usa

[5] Voir l’excellent documentaire de Manon Loizeau, « États-Unis à la conquête de l’Est », 2005. Il peut être visionné à l’adresse suivante : https://www.youtube.com/watch?v=4NOdoOQsouE

[6] Pour plus de détails, lire Ahmed Bensaada, « Arabesque$ - Enquête sur le rôle des États-Unis dans les révoltes arabes », Ed. Investig’Action, Bruxelles (Belgique), 2015 – Ed. ANEP, Alger (Algérie), 2016, Chapitre 2 : Les révolutions colorées.

[7] F. William Engdahl, « Géopolitique et “révolutions des couleurs” contre la tyrannie », Horizons et débats, n° 33, octobre 2005, http://www.horizons-et-debats.ch/33/33_16.htm

[8] Michael Barker, « Activist Education at the Albert Einstein Institution: A Critical Examination of Elite Cooption of Civil Disobedience », Indymedia, 21 juillet 2012, http://www.indymedia.ie/article/102162

[9] National Endowment for Democracy (NED), «Idea to Reality: NED at 25 », http://www.ned.org/about/history

[10] Ruaridh Arrow, « Gene Sharp : Author of the nonviolent revolution rulebook », BBC, 21 février 2011, http://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-12522848

[11] Mikael Holter, « Peace Institute Says Nobel Rankings Favor Sharp, Echo of Moscow», Bloomberg, 2 octobre 2012, http://www.bloom berg.com/news/2012-10-02/peace-institute-says-nobel-rankings-favor-sharp-echo-of-moscow.html

[12] TVC, « Academic Gene Sharp nominated for Nobel Peace Prize », 9 octobre 2013, http://www.tvcnews.tv/?q=article/academic-gene-sharp-nominated-nobel-peace-prize

[13] Michael Barker, Op. Cit.

[14] Maidhc Ó. Cathail, « The Junk Bond “Teflon Guy” Behind Egypt’s Nonviolent Revolution », Dissident Voice, 16 février 2011, http://dissidentvoice.org/2011/02/the-junk-bond-%E2%80%9Cteflon-guy%E2% 80%9D-behind-egypt%E2%80%99s-nonviolent-revolution/

[15] Disponible en plusieurs langues (dont l’arabe et le farsi), ce manuel est téléchargeable gratuitement à partir du site officiel de CANVAS

[16] Slovodan Naumovic, « Otpor ! Et « La révolution électorale » en Serbie », Socio-anthropologie, 2009, N°23-24, p. 41-73, https://journals.openedition.org/socio-anthropologie/1248

[17] Ahmed Bensaada, « Liban 2005-2015 : d’une « révolution » colorée à l'autre », 14 septembre 2015,  http://www.ahmedbensaada.com/index.php?option=com_content&view=article&id=323:liban-2005-2015-dune-l-revolution-r-coloree-a-une-autre&catid=46:qprintemps-arabeq&Itemid=119

[18] Bryan Farrell et Eric Stoner, « How We Brought Down a Dictator », Yes! Magazine, 7 octobre 2010, https://www.yesmagazine.org/peace-justice/how-we-brought-down-a-dictator

[19] Slovodan Naumovic, Op. Cit.

[20] William J. Dobson, « The Dictator's Learning Curve: Inside the Global Battle for Democracy », Random House Canada Limited, Toronto, 2012

[21] Eva Golinger, « La grève de la faim à la mode de Washington », Mondialisation.ca, 2 mars 2011, http://www.mondialisation.ca/index.php? context=va&aid=23482

[22] Pour plus de détails, lire un des livres de Ahmed Bensaada : « Arabesque américaine - le rôle des États-Unis dans les révoltes de la rue arabe », Éd. Michel Brulé, Montréal (Canada), 2011, « Arabesque$ - Enquête sur le rôle des États-Unis dans les révoltes arabes », Ed. Investig’Action, Bruxelles (Belgique), 2015 – Ed. ANEP, Alger (Algérie), 2016.

[23] « Wael Ghonim: Creating A 'Revolution 2.0' In Egypt », NPR, 9 février 2012, https://www.npr.org/2012/02/09/146636605/wael-ghonim-creating-a-revolution-2-0-in-egypt

[24] Pierre Boisselet, « La “ligue arabe” du Net », Jeune Afrique, 15 mars 2011, http://www.jeuneafrique.com/192403/politique/la-ligue-arabe-du-net/

[25] Pour de plus amples informations, lire Ahmed Bensaada, « Arabesque$ - Enquête sur le rôle des États-Unis dans les révoltes arabes », Ed. Investig’Action, Bruxelles (Belgique), 2015 – Ed. ANEP, Alger (Algérie), 2016, Chapitre 3 : Les nouvelles technologies.

[26] Heinrich-Böll-Stiftung, « Second Arab Bloggers Meeting 2009 », 8-12 décembre 2009, http://lb.boell.org/en/2014/03/03/second-arab-bloggers-meeting-statehood-participation

À noter que cette formation a été cofinancée par l’OSI de G. Soros

[27] Pour voir les photos du « Second Arab Bloggers Meeting 2009 », https://www.flickr.com/groups/1272165@N24/pool/with/4193262712/

[28] Ahmed Bensaada, « Les États-Unis et le « printemps » arabe », Politis (n°2, pp. 59-61, Octobre-Novembre 2011), http://www.ahmedbensaada.com/index.php?option=com_content&view=article&id=147:les-etats-unis-et-le-l-printemps-arabe-r&catid=46:qprintemps-arabeq&Itemid=119

[29] Movements.org, « About »  http://www.movements.org/movements/pages/about/

[30] « Hillary Clinton milite pour la liberté sur Internet », Le Monde, 16 février 2011, http://www.lemonde.fr/technologies/article/2011/02/16/hillary-clinton-militepour-la-liberte-sur-internet_1480855_651865.html

[31] Fondé par Ahmed Maher et Israa Abdel Fattah, le « Mouvement du 6 Avril », a été le fer de lance de la contestation populaire en Égypte et le principal artisan de la chute de Hosni Moubarak.

[32] Al Jazeera, « People & Power — Egypt : Seeds of change », 9 février 2011, http://www.youtube.com/watch?v=QrNz0dZgqN8&feature=player_ embedded

[33] Ibid.

[34] Tomas Lundin, « La révolution qui venait de Serbie », Svenska Dagbladet, 2 mars 2011, http://www.presseurop.eu/fr/content/article/522941-la-revolution-qui-venait-de-serbie

[35] Sofia Amara, « Monde arabe : onde de choc », Canal + (Spécial Investigation, 52 min), 2011.

[36] Algeria Watch, « Pour une Coordination nationale pour le changement et la démocratie : Communiqué », 23 janvier 2011, https://algeria-watch.org/?p=34161

[37] Sourcewatch, « Algerian League for the Defense of Human Rights », http://www.sourcewatch.org/index.php?title=Algerian_League_for_the_Defense_of_Human_Rights

[38] Ibid.

[39] NED, « Algeria », 2005 Annual Report,  http://www.ned.org/publications/annual-reports/2005-annual-report/middle-east-and-north-africa/description-of-2005-gra-1

[40] NED, « Algeria », 2006 Annual Report, http://www.ned.org/publications/annual-reports/2006-annual-report/middle-east-and-northern-africa/description-of-2006--1

[41] NED, « Algeria », 2010 Annual Report,  http://www.ned.org/publications/annual-reports/2010-annual-report/middle-east-and-north-africa/algeria

[42] Solidarity Center, « Algeria », http://www.solidaritycenter.org/content.asp?pl=863&sl=407&contentid=861

[43] Cathy Feingold, « Letter from AFL-CIO International Director Cathy Feingold to Algerian President Abdelaziz Bouteflika, », 4 mars 2011, http://www.solidaritycenter.org/files/algeria_cflettertobouteflika030411.pdf

[44] Cathy Feingold, « Letter from AFL-CIO International Director Cathy Feingold to Algerian President Abdelaziz Bouteflika », 14 octobre 2011, http://www.solidaritycenter.org/files/algeria_cfletter101411.pdf

[45] WikiLeaks, « Câble 07ALGIERS1806 », http://wikileaks.mediapart.fr/cable/2007/12/07ALGIERS1806.html

[46] Twitter, « Fodil Boumala », https://twitter.com/FodilBoumala1

[47] Conférence « Le printemps arabe, un an après: révolte, ingérence et islamisme », Université du Québec à Montréal,  20 janvier 2012, http://www.ahmedbensaada.com/index.php?option=com_content&view=article&id=152:conference-q-le-printemps-arabe-un-an-apres-revolte-ingerence-et-islamismeq&catid=46:qprintemps-arabeq&Itemid=119

[48] e-Joussour, « SOS disparus », http://www.e-joussour.net/node/1104

[49] Collectif des Familles de Disparu(e)s en Algérie (CFDA), « Historique et présentation », http://www.algerie-disparus.org/index.php?option=com_content&view=category&layout=blog&id=20&Itemid=131

[50]Appel de la « Coalition d’associations de victimes des années 1990 », 8 octobre 2011, https://www.ldh-france.org/wp-content/uploads/IMG/pdf/cp-marche-declaration.pdf

[51] Adlène Meddi, « Algérie : les victimes des violences des années 1990 élaborent une contre-charte », El Watan, 24 septembre 2010, https://histoirecoloniale.net/Algerie-les-victimes-des-violences.html

[52] NED, « Algeria », 2011 Annual Report

[53] Régis Genté et Laurent Rouy, « Dans l’ombre des “révolutions spontanées” », Le Monde diplomatique, janvier 2005, http://www.monde-diplomatique.fr/2005/01/GENTE/11838

[54] G. Sussman et S. Krader, Op. Cit.

[55] Tina Rosenberg, « Revolution U », Foreign Policy, 16 février 2011, http://www.foreignpolicy.com/articles/2011/02/16/revolution_u

[56] TEDxKrakow, « Srdja Popovic - How to topple a dictator », YouTube, 22 novembre 2011, https://www.youtube.com/watch?v=Z3Cd-oEvEog

[57] Michaël Béchir Ayari , « En Algérie, la rue met le pouvoir face à ses contradictions », ICG, 7 mars 2019, https://www.crisisgroup.org/fr/middle-east-north-africa/north-africa/algeria/en-algerie-la-rue-met-le-pouvoir-face-ses-contradictions

[58] Heinrich-Böll-Stiftung, « Second Arab Bloggers Meeting 2009 », Op, Cit.

[59] Algérie-Focus, « Interview de Slim404, le blogueur tunisien devenu ministre », 28 juin 2011, http://www.youtube.com/watch?v=t9nr-TMKx1c&feature=player_embedded

[60] David D. Kirkpatrick et David E. Sanger, « A Tunisian-Egyptian Link That Shook Arab History », New York Times, 13 février 2011, http://www.nytimes.com/2011/02/14/world/middleeast/14egypt-tunisia-protests.html?pagewanted=1&_r=2

[61] Sofia Amara, « Monde arabe : onde de choc », Op. Cit.

[62] Slovodan Naumovic, « Otpor ! Et « La révolution électorale » en Serbie », Op. Cit.

[63] Kandelaki, G. and G. Meladze, « Enough! Kmara and the Rose Revolution in Georgia ». In Joerg Forbrig and Pavol Demeš (Eds.), Reclaiming Democracy. Civil society and Electoral Change in Central and Eastern Europe. Pp. 101- 125. Washington DC (2007), http://georgica.tsu.edu.ge/files/01-Politics/Rose%20revolution/Kandelaki&Meladze-d.u.pdf

[64] Bryan Farrell et Eric Stoner, « How We Brought Down a Dictator », Op. Cit.

[65] TEDxKrakow, « Srdja Popovic - How to topple a dictator », Op. Cit.

[66] Bryan Farrell et Eric Stoner, « How We Brought Down a Dictator », Op. Cit.

[67] Center for International Private Enterprise (CIPE), https://www.cipe.org/

[68] CIPE, « Algeria », https://www.cipe.org/projects/algeria/

[69] FEMED, « Associations algériennes membres de la FEMED », https://www.disparitions-euromed.org/fr/content/les-associations-alg%C3%A9riennes-membres-de-la-femed

[70] El Watan, « Collectif de la société civile algérienne pour une sortie de crise pacifique : Feuille de route pour l’instauration de la nouvelle République », 20 mars 2019, https://www.elwatan.com/edition/actualite/collectif-de-la-societe-civile-algerienne-pour-une-sortie-de-crise-pacifique-feuille-de-route-pour-linstauration-de-la-nouvelle-republique-20-03-2019

[71] TEDxKrakow, « Srdja Popovic - How to topple a dictator », Op. Cit.

[72] YouTube, « Quelques recommandations pour la marche de demain 01/03/2019…partagez mes frères », mise en ligne le 28 février 2019, https://www.youtube.com/watch?v=csqyMPGIOKs

[73] Remarque : la 7e directive concernant le vinaigre pour se protéger des gaz lacrymogènes avait été une recommandation des cyberactivistes tunisiens aux cyberactivistes égyptiens comme le rapportent Kirkpatrick et Sanger, Op. Cit.

[74] Hernando Calvo Ospina, « Quand une respectable fondation prend le relai de la CIA », Le Monde diplomatique, juillet 2007

[75] Mohamed Ghannouchi était premier ministre du gouvernement tunisien sous la présidence de Ben Ali.

[76] Lea-Lisa Westerhoff, « Slim Amamou : Ministre gazouilleur », Écrans, 10 février 2011, http://www.ecrans.fr/Ministre-gazouilleur,11973.html

[77] Laura King et Amro Hassan, « 3 prominent Egyptian activists say they have been abused in prison », Los Angeles Times, 10 mars 2014, http://www.latimes.com/world/worldnow/la-fg-wn-egypt-activists-abuse-20140310-story.html#axzz2vne85KIB

[78] Ibid.

[79] AFP, « En Égypte, peines de prison confirmées pour plusieurs figures de la révolte de 2011 », Libération, 7 avril 2014, http://www.liberation.fr/monde/2014/04/07/en-egypte-peines-de-prison-confirmees-pour-plusieurs-figures-de-la-revolte-de-2011_993736

[80] Egypt Today, « Activist Alaa Abdel Fattah released after 5 years in prison », 29 mars 2019, https://www.egypttoday.com/Article/2/67644/Activist-Alaa-Abdel-Fattah-released-after-5-years-in-prison

[81] Pour plus de détails, lire Ahmed Bensaada, « Arabesque$ - Enquête sur le rôle des États-Unis dans les révoltes arabes », Ed. Investig’Action, Bruxelles (Belgique), 2015 – Ed. ANEP, Alger (Algérie), 2016, pp. 132-14

[82] Ibid, pp. 148-158

[83] The Washington Post, « Syrian activist was State Dept. ally; now US won't grant him asylum », 2 juillet 2017, https://www.recordonline.com/opinion/20170702/syrian-activist-was-state-dept-ally-now-us-wont-grant-him-asylum

[84] Nazef Ali, « Amendement et mise en œuvre de l’appel du CIVIC », El Watan, 27 mars 2019, https://www.elwatan.com/edition/contributions/amendement-et-mise-en-oeuvre-de-lappel-du-civic-27-03-2019

[85] Tahar Fattani, « Zehouane s'en prend au FFS l’accusant d’instrumaliser les droits de l’homme », L’expression, le 21 mars 2010, https://www.djazairess.com/fr/lexpression/74347

[86] Pour plus de détails, lire Ahmed Bensaada, « Kamel Daoud, Cologne contre-enquête », Ed. Frantz Fanon, Alger, 2016

[87] France Inter, « Kamel Daoud livre son analyse des manifestations en Algérie et sur le régime Bouteflika », 8 mars 2019, https://www.youtube.com/watch?v=KDBaCmlwxk4

[88] "الرشوة"

[89] Gérard Mugemangando et Michel Collon, « “Être en partie contrôlé par la CIA ? Ça ne me dérange pas trop” », Investig’Action, 1er octobre 2000, http://michelcollon.info/Etre-en-partie-controle-par-la-CIA.html

[90] Algérie-Focus, « Interview de Slim404, le blogueur tunisien devenu ministre », Op. Cit.

 


Cet article a aussi été publié par :

Investig'Action

Le Grand Soir

Mondialisation


Este artículo en español

Cet article en français

Questo articolo in italiano


تونس 2011